القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المواضيع

الحلة في عهد الوزراء العثمانيين دراسة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية



الحلة في عهد الوزراء العثمانيين
" دراسة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية " 

 الباب الثاني : الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للحلة خلال المدة (1831-1869م)


- أولا:- الأوضاع الاقتصادية للحلة
- ثانيا:- الأوضاع الاجتماعية للحلة


الفصل الثاني - الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للحلة

المقدمة

    بالرغم من الاهتمام الكبير الذي ظهر في السنوات الأخيرة بالدراسات العثمانية، إلا أن التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لكثير من المدن العراقية ومنها مدينة الحلة لم ينل بعد ما يستحقه من اهتمام. ويعد بحثنا هذا محاولة لتأشير بعض الملامح الرئيسية للحياة الاقتصادية والاجتماعية في سنجق ( لواء) الحلة خلال المدة (1831-1869م). ومما يلاحظ أن الباحث في الأحوال الاقتصادية والاجتماعية يواجه صعوبة كبيرة عند تناوله هكذا مواضيع، ذلك أن مصادر الوثائق الخاصة بهذين الأمرين (الاقتصادي والاجتماعي) عديدة ومتنوعة ومتناثرة، كما أنها لم تستخدم بعد بشكل فعلي من قبل الباحثين والمؤرخين.

    يتألف هذا البحث من قسمين ، يتعلق القسم الأول بالجانب الاقتصادي للحلة وخصوصاً الزراعة، على اعتبار انها حرفة الغالبية العظمى من سكانها، وكذلك كونها المصدر الأول في الحصول على الأموال اللازمة والمترتبة على السنجق لصالح الباشا في بغداد، آخذين بنظر الاعتبار أن أغلب المتنفذين وأصحاب الأموال يوجهون اهتمامهم إلى الجانب الزراعي لضمان الربح المادي فيه وسرعة تحقيق ذلك الربح مما أدى بالتالي إلى تأخر الجانبين الآخرين وهما( الصناعة والتجارة).

    أما القسم الثاني، فاهتم بالجانب الاجتماعي للحلة مشيراً إلى طبيعة المجتمع الحلّي المتميز بتعدد قومياته وأديانه ومذاهبه، وأشار أيضاً إلى بعض الأنشطة من أعياد ومناسبات وتقاليد السكان في أزياءهم ونشاطاتهم الحرفية.

 

أولا - أوضاع الحلة الاقتصادية خلال المدة 1831-1869م

    لم تكن الحلة خلال هذه المدة سوى بلدة صغيرة مسورة، ولم تكن حسنة العمران، ولا تحتفظ إلاّ ببقية دورها التجاري الذي فرضه موقعها الجغرافي المميز، وكانت الزراعة بشكل عام تحتل مكانة كبيرة، إذ شكل الإنتاج الزراعي معظم ثرواتها، زيادة على الإنتاج الحيواني، فأصبحت الزراعة بذلك حرفة الغالبية العظمى من سكانها الذي كان 80% يعملون بها( ).

    ونظراً لظروف الحلة المتميزة في وفرة مياهها ( وجود شط الحلة)، وقرب الأراضي الزراعية من الإدارة المركزية في ولاية بغداد، فقد اتبع فيها العثمانيين الأسلوب الإقطاعي( )، مع ضرورة إبقاء بعض الأراضي في حوزة مالكيها المحليين من بعض الأسر المعروفة مثل ( آل عبد الجليل، آل جاووش، آل النائب، آل الرحبي)( )على اعتبار أن رؤساء تلك الأسر يعينون (سنجق بك) تحت سلطة وإشراف باشا بغداد أو لقاء خدمات عسكرية شخصية( ).

    إن خصوبة أراضي مدينة الحلة ووفرة المياه فيها حالت دون تفكير السكان بالصناعة ولوازمها ، فالتاجر يوجه رأس ماله نحو الزراعة والعامل يبذل همه في الفلاحة، وكذلك كل الطبقات تقريباً، ولذلك تأخرت الصناعة في الحلة تأخراً ملحوظاً( ). يمكن القول أن تلك الخصوصية المتعلقة بالزراعة تنطبق وبنسبة كبيرة على أغلب مدن العراق المختلفة والتي كانت خاضعة للسيطرة العثمانية المباشرة آنذاك.

 

- الزراعة 

    أولت الحكومة المحلية المنصّبة على مدينة الحلة، الزراعة اهتماماً كبيراً، كونها تمثل المصدر الأول في الحصول على الأموال اللازمة والمترتبة عليها إلى حكومة الوالي في بغداد أو الحكومة المركزية (حكومة السلطان) في اسطنبول( ). وذهبت الحكومات العثمانية في مسعاها هذا إلى ابعد من ذلك، فبدأت بمنح بعض المزارعين الذين يقومون بزراعة محاصيل معينة( الرز مثلاً) ، أوسمة مختلفة مضافاً إليها إعفائهم من ضريبة العشر المفروضة عليهم( ).

    يشير الكابتن بلوم ( R.K.Bloom) ( )، إلى أن سنجق (لواء) الحلة في سنة 1843م كانت تزرع فيه بعض المحاصيل الزراعية المهمة مثل القمح والشعير والرز والقطن، وذكر محصولاً آخر لم يذكر أسمه بصورة دقيقة، إلا انه ذكر أن هذا المحصول يدخل في بعض الصناعات الغذائية التي تتعلق بحياة سكان السنجق( ).

         من المؤكد أن الكابتن يقصد به محصول السمسم الذي يدخل في صناعة بعض الحلويات وفي صناعة الراشي المستخلص منه.

    وذكر بلوم أيضاً أنه شاهد مجموعة من الأشخاص يقومون بمتابعة وضرب عدد من الأبقار والجواميس التي تجر ورائها أداة خشبية يستخدمونها في حراثة الأرض( ). وقد سئل مرافقيه عن إمكانية استبدال هذه الأداة بأدوات جديدة يمكن فيها استخدام قوة البخار أو الفحم عوضاً عن تلك الحيوانات( ).

    تتألف أهم حاصلات سنجق الحلة من الحبوب، التمور، الرز، وقد أشار أندرسون كاوينت( ) في كتابه (The trading Asia) ( )، إلى كمية وحجم المحاصيل الزراعية في ولاية بغداد( الحلة أحد توابعها)، خلال السنوات (1856-1863م)  مقدرة بالطفارات ( التغارات)( ) وكما مبين في الجدول الآتي:


جدول يبين مقدار كمية المحاصيل الزراعية في سنجق الحلة خلال السنوات (1856-1863م) مقدراً بالطغار( )

   

السنة

الحنطة

الشعير

الرز

السمسم

الماش

القطن

1856

121,802

309,274

126,000

11,854

23,850

9,385

1857

137,902

400,274

128,230

13,006

20,047

11,002

1858

140,000

407,841

125,127

10,929

19,129

8,154

1859

141,294

399,928

130,028

15,267

19,478

9,745

1860

173,007

409,124

126,198

11,801

23,085

13,578

1861

138,727

411,632

120,245

11,261

23,294

11,202

1862

171,611

419,398

126,872

10,897

19,545

10,009

1863

170,000

432,647

124,346

10,282

22,014

10,115

 

         ومن خلال الجدول أعلاه يتبين لنا أن ارتفاع منتوج المحاصيل الزراعية في سنجق الحلة سنة 1857م من الحنطة والشعير والرز والسمسم والقطن إذا أخذنا سنة 1856م أساساً للمقارنة، بحيث نجد إصلاحات محمود رشيد باشا الكوزلكي( 1852-1857م) الذي كان من أوائل الوزراء العثمانيين الذين حاولوا القيام بإصلاحات اقتصادية في عموم ولاية بغداد، وبشكل خاص في مدينة الحلة ونواحيها لها أثرها الكبير في ارتفاع المحاصيل الزراعية .

    ومن الجدول أيضاً يمكن أن نلاحظ انخفاض في منتوج المحاصيل الزراعية في سنجق الحلة سنة 1858م من الرز والسمسم والماش والقطن وفي سنة 1859م انخفاض محصول الشعير إذا ما أخذنا سنة 1857م أساساً للمقارنة، نجد أن تعيين السردار عمر باشا ( 1857-1859م) وزيراً على ولاية بغداد، والذي سعى جاهداً إلى تطبيق نظام القرعة العسكرية (التجنيد الإجباري) غير مبال بتدهور الجانب الاقتصادي في عموم ولاية بغداد ومنها مدينة الحلة، إذ اضطرت أعداد كبيرة من الشباب الحلي إلى ترك أعمالهم الزراعية والانزواء في البيت أو مغادرة محلاتهم رافضين الانصياع لأوامر الحكومة العثمانية بالانخراط في الجيش العثماني.

    ومن خلال ما تقدم نجد أن عدم الاستقرار السياسي في العراق قد أثر بشكل مباشر على الجانب الاقتصادي وبالتالي أدى إلى تدهوره.

    وتنتشر أشجار النخيل وبكثرة في المناطق القريبة من الأنهار أو القنوات الصغيرة المتفرقة والمتفرعة هنا وهناك، وهي مناطق تكاد محدودة( ). يمكن القول أن تلك المناطق المزروعة بالنخيل هي مناطق قريبة من موقع المدينة وفي أطرافها المختلفة، لأن هناك فكرة ورأي متداول منذ القدم وإلى اليوم يذهب إلى أن النخلة هي أساس وجود وتثبيت سكن أغلب المزارعين.

- أحوال المزارعين

    أن حالة المزارع الحلي ( العراقي بوجه عام) لاسيما العاملين في الأراضي المزروعة بالحنطة والشعير، كانت سيئة بشكل عام، وذلك بسبب سيطرة شيوخ العشائر ووجهاء المدن على أكثرية الأراضي الصالحة للزراعة، مما أدى بالتالي إلى حرمان أغلب المزارعين(الذين كانوا يعملون أما بأجر يومي أو لقاء نسبة معينة من الحاصل الزراعي) من ملكية الأرض( ).كما عانى حتى ذلك العدد القليل من المزارعين ممن كانوا يمتلكون الأراضي، مخافة من أن يغتصب الإقطاعيون أراضيهم، ما اضطرهم إلى رصدها للأوقاف( )، حيث ضمنوا بتلك الطريقة حيازتهم عليها، وترتب على ذلك عدم امتلاك معظم المزارعين للأرض( ).

    أما حصة المزارعين من الإنتاج الزراعي فلم تكن كبيرة، ففي الحلة التي عدّها العثمانيين (منطقة إروائية) وفي بعض مقاطعاتها مثل الثيلة والطهماسية وحصن نامة( )والمزيدية والهاشمية والباشية، كانت حصته تتراوح بين ثلث الحاصل، وبين نصفه( في حالة عدم تجهيزه البذور والماشية والأدوات الزراعية الخاصة بحراثة الأرض)، وكان عليه أن يتنازل في حالة عدم تجهيزه لهم عن نصف حصته لمن يزوده بها( ).

    وعلاوة على ذلك كانت تلك الحصة عرضة لاستقطاعات أخرى كثيرة، إذ كانت أجور العمال الذين يستخدمون في حصاد المحصول ودراسته (دوسه) وتذريته( )، تخصم من الحاصل قبل تقسيمه، الأمر الذي ترتب عليه أن قلة حصة المزارع من الحاصل، زيادة على ذلك ما كان يدفعه المزارعون من حاصلاتهم إلى بعض الأشخاص في المناطق العشائرية مثل : القهوجي وهو المسؤول عن تقديم القهوة في مضيف الشيخ والحارس الذي يحافظ على المحصول من أن يُسرق قبل تقسيمه- إذا ما قام هو نفسه بسرقته- بسبب الحاجة والعوز، ووكيل الشيخ (السركال)( ).

- الضرائب

    بصورة عامة يؤخذ العشر من الأراضي التي كانت تروى من الأمطار، أما الأراضي التي كانت تعتمد في ريها على الجداول والأنهار فكان يؤخذ منها الخمس، وقد أدت جباية تلك الضرائب إلى عرقلة تقدم الزراعة وتدهور حالة المزارعين المعاشية وبلغ من تدهور تلك الحالة أن حرم المزارعون أحياناً من التمتع بمحاصيلهم( ).

    وتفرض السلطات العثمانية أيضاً وعن طريق زعاماتها المحلية المنصّبة على بعض المدن، ضريبة على الأراضي المزروعة رزاً، وتعرف تلك الضريبة بالذرعة، ويتم تحديدها بطريقة التخمين، واستخدمتها السلطات الحكومية في الحلة في مناطق الباشية( ) والمزيدية والجربوعية( ) وأطراف النيل والدغيمات( ) ودوره( )، وكان ذلك في سنة 1853م ( ).

    ولجأت السلطات الحكومية أحياناً إلى استخدام أساليب القوة والشدة في جباية تلك الضرائب، وهو ما حصل في مقاطعات العمادية( ) والثيلة والهاشمية في سنة 1866م، عندما عمدت تلك السلطات إلى جباية الضرائب بالقوة والإكراه قبل نضج الحاصل مما كان يضطر المزارعين معه إلى بيع حاصلاتهم قبل نضجها وبأسعار زهيدة( ).

    كذلك كانت غارات البدو سبباً كبيراً في قلق المزارعين وفي فقدان الأمن، كما أدت الظروف الطبيعية أحياناً إلى إتلاف الحاصلات الزراعية، فكانت رياح السموم وكذلك البرد(الثلج)( )، كلها أسباب مضافة في تحصيل الضرائب وبما يساعد في إضعاف المزارعين وتأخرهم( ).

- المقاييس والأوزان

    في الحلة كانت حقة البقال تقابل حقة ونصف من حقة البقال في بغداد وتساوي وقية الحلة وقيتين من بغداد( ). أما بالنسبة إلى القياسات فقد استخدم فيها الذراع، وأصغرها هو ذراع حلب حيث تساوي خمسة أذرع حلبية أربع اذرع بغدادية، وخمسة أذرع بغدادية تقابل أربع اذرع فارسية ، ويوجد في كل ذراع ستة عشر شبراً( ).علماً أن وحدة القياس هذه كانت قد استخدمت في جميع السناجق التابعة لولاية بغداد في تلك المرحلة ومنها الحلة وكان ذلك في سنة 1808م( ).

- المسكوكات الذهبية 

    كان السكان في مدينة الحلة يتعاملون بالقرش أو الغرش البغدادي إلاّ أنه يختلف اختلافاً كبيراً عن القرش الشامي أو القرش الاسطنبولي( )،وبعد عزل داود باشا(  )تغير سعر القرش، فقد أشار السائح الألماني Peter man إلى أن القرش الشامي كان يعادل قرشاً واحداً من نوع القرش المستخدم في مدينة الحلة، ثم أصبح بعد مدة يساوي ثلاثة قروش في سنة 1854م،وفي سنة 1855م  كان ثمن القرش الشامي يساوي ثمانية قروش إسطنبولية، أو على الأصح ثمانية وربع قرشاً إسطنبولياً، وهذا يعادل ثلاث وثلاثين قرشاً بغدادياً لأن القرش التركي الاسطنبولي كان يعادل أربعة قروش بغدادية( ). كما وجد في بغداد أيضاً (القران)( ) وهو على نوعين جيد ورديء، وأخير كان يقل بقرش واحد عن الجيد، ووجد أيضاً اليوزلك( ) وهو من فئة المئة قرش( ). وكان في بغداد يوحد أيضاً ما يعرف بـ(أبو تاكه)( ) وكان ثمنه يعادل اثنين ونصف قرش( )، من المؤكد أن باقي المسكوكات التي كانت موجودة في مدينة بغداد لا يستبعد تداولها في الحلة التابعة لها في تلك المرحلة.

- التجارة 

    إن موقع مدينة الحلة على طرق الموصلات التي تربط بين عدة مدن وأقاليم مختلفة، ساعد على قيام أسواق تجارية عامرة فيها، ولما كانت الأسواق مركز النشاط التجاري والحرفي، فقد تباينت طبيعتها ونشاطها، كما كانت المراكب النهرية تمخر الفرات بين حلب والبصرة مارة بالحلة حاملة الركاب والبضائع( ). لاسيما وأن معظم تجارة العراق الداخلية في تلك المرحلة كانت تتم عن طريق نهري دجلة والفرات الذين ترتب على مدى صلاحيتهما للملاحة النهرية وخاصة في الأقسام الوسطى والجنوبية، وأن قلت أهمية المواصلات البرية في الحلة، حتى قيل أن الطرق البرية لم يكن لها وجود في تلك المرحلة إلاّ ما ندر( ).

    أشار بعض الرحالة( )، إلى أهمية الفرات في مجراه الرئيسي الذي كان يمر بالحلة والذي أهم وسائط المواصلات النهرية بين بغداد والبصرة، وأن الحلة كانت في ذلك الزمن مركزاً تجارياً مهماً يأتي إليها التجار من كل صوب( )، وأن وسائط النقل المستخدمة فيها كانت تشمل على السفن والقوارب والأكلاك( ) والتي استخدمت بين الحلة وبغداد( ).

    من المهم أن نشير هنا إلى وجود الخانات على طرق القوافل التجارية، يعطينا سبباً آخر لوجود العلاقات التجارية القائمة آنذاك بين الحلة والمناطق القريبة والمحيطة بها مثل بغداد والنجف وكربلاء( ). الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع أجور نقل البضائع والمحافظة عليها، كما لعبت الضرائب الكمركية المرتفعة دوراً في الحيلولة دون نمو وازدهار التجارة وبما يتناسب والدور الكبير الذي كانت تؤديه المدينة في التعاملات التجارية المختلفة، لاسيما وأن معظم صادرات مدينة الحلة في تلك المرحلة كانت تشمل على التمور والحنطة والشعير والصوف( ). وذكر المنشئ البغدادي( ) أن في مدينة بغداد القديمة (ويقصد به جانب الكرخ)، يوجد فيها وفي جزئها الجنوبي باب يعرف بـ(باب الحلة)( ).

- الصناعة 

    ذكرنا في بداية البحث أن خصوبة أراضي مدينة الحلة وتوابعها، حالت دون تفكير السكان بالصناعة، بيد أن بعض الحاجيات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها جعلت الإنسان الحلي يعمل على إتقانها وإصلاحها والتفنن بها، وليس في الحلة من المصنوعات ما يستحق العناية، غير أنها وفي تلك المرحلة اشتهرت بصنع أنواع من الأثاث الخشبي الذي يحتاجه البيت الحلي، حتى أن الحلة فاقت بتلك الصنعة كلاً من مدينتي كربلاء والنجف القريبتين منها( ). فضلاً عن تصنيع جميع حاجات المزارع كالفأس والمسحاة والمنجل والمذراة والمحراث (المعروف بلغة العامة بالفدان) وغيرهما( ).

    واشتهرت قرى (المزيدية والهاشمية والد غيمات) بصنع البسط والحصران المصنوعة من خوص النخيل، والقشور (المعروفة بلغة العامة بالكيشة) لكبس التمور( ). كما يعمل من جريد النخل الأسرة للنوم وكذلك الأقفاص، كما تصنع من ليف النخيل الحبال بأنواعها( ). ومما يلفت النظر بخس أثمان تلك الصناعات بما لا يتناسب والمصاريف والجهد التي بذلت في صناعتها، ويحتمل أن سبب ذلك هو اقتصار تلك الصناعات على الاستهلاك المحلي (داخل المدينة) دون غيرها من مدن العراق المختلفة.

 

ثانيا - الحياة الاجتماعية (طبيعة المجتمع الحلي)

    ليس هناك إحصائيات دقيقة لسكان مدينة الحلة، الأمر الذي أوجد فراغاً في معرفة أو حتى إعطاء أرقام تقديرية لسكانها (المدن والريف)، ولعل انتشار الجهل والأمية بصورة كبيرة في كافة أنحاء السنجق (اللواء)، وخوف أغلب الناس من الأعمال الحكومية التي تخص تسجيل النفوس، لاسيما تلك التي تتعلق (اعتقاداً منهم) بالتجنيد وجباية الضرائب، كلها أسباب ساهمت في إيجاد ذلك الفراغ( ).

    ومهما يكن من أمر، فإن عدد سكان السنجق لم يكن ثابتاً طوال العهد العثماني، إضافة إلى تعدد قومياته وأديانه، أخذين ينظر الاعتبار أن إعطاء رقم دقيق لأعدادهم أمراً في غاية الصعوبة كونهم (وخاصة سكان الريف)، في حركة مستمرة ومن محل لآخر( ).

    إن أعداد السكان في الحلة، ظلت ولفترة قريبة تستند إلى مجموعة من العوامل الصحية والاجتماعية والاقتصادية، وبالنسبة للعامل الصحي نجد أن قربها من مركز ولاية بغداد التي يصلها مختلف الأجناس لاعتبارات رسمية أو عسكرية أو اقتصادية، وقربها من الأماكن المقدسة (النجف وكربلاء)، مما جعلها عرضة لمختلف الأمراض والأوبئة والمجاعات، كان أولها (ضمن المدة موضوع البحث)، الطاعون الذي حل ببغداد سنة 1831م وترك وراءه أعداداً كبيرة من الموتى( ).

    أما العامل الاجتماعي، فإن الحلة تشكل نقطة اتصال وتفاعل مستمر بين مختلف مدن العراق وأطرافه، ولا شك فإن لكل مدينة من تلك المدن تأثيره الخاص المتميز في تشكيل الحياة الاجتماعية والحضارية للحلة، الأمر الذي منحها بالتالي شخصية محلية مميزة( ).

    تتسم مدينة الحلة، بأنها ذات تنوع سكاني كبير، فهي تضم إلى جانب العرب الذين يمثلون أغلبية السكان، أقليات من الأرمن( ) والأكراد والتركمان، كما إن هذه المدينة تضم الديانات التوحيدية الثلاث (اليهودية، المسيحية، الإسلام) مع أغلبية مسلمة، وعملت هذه الأقليات بقطاعات مختصة مختلفة عن بعضها البعض الآخر، فبرز نشاط اليهود مثلاً في مجال العطور والصيرفة( ). وعمل الأكراد في تجارة العطاريات المتجولة التي كانوا يتقنونها من خلال أشخاص يتصلون بهم من مناطق شمال العراق، حيث يجلبون لهم مختلف الأقمشة (لاسيما النسائية منها)، والتي كانت مرغوبة في مختلف القرى الحلية، وعرفت محلتهم التي سكنوا بها بمحلة الأكراد( ).

    وبحكم كون الحلة من المدن ذات التنوع السكاني من عرب وأرمن وأكراد ويهود، إلاّ أنها كانت من المدن الأكثر انسجاماً رغم ذلك التنوع، إذ عاشت تلك الجماعات بعضها مع البعض دون مشاكل وتوترات، إذا ما استثنينا البدو- وهم العنصر الأكثر شغباً- والذين سببوا إرباكاً للولاة، وعرقلوا حركة التجارة المارة بمناطقهم( ). وقد خضعت تحركاتهم ضد الحكومة بحسب المعطيات السياسية، أي بحسب وضع الحكومة وقوة ولاتها في بغداد، مما أدى بالتالي إلى صدامات ونزاعات كبيرة وكثيرة بينهم وبينها، عانى خلالها السكان الأمرين من فقدان الأمن واضطراب الأحوال الاقتصادية( ).

- سكن العشائر 

    انتشرت في الحلة خلال تلك المدة عشائر عديدة اتخذت من الاهتمام بتربية الماشية الوسيلة الوحيدة في الحصول على مصادر رزقها، ثم بعد ذلك بدأت بأعمال الزراعة التي صارت تدر عليها الكثير من المنافع خاصة مع وجود الأراضي الخصبة ووفرة المياه( ).

    كانت عشائر زبيد وخفاجة والجحيش والجبور واليسار والعبيد وشمر، تمثل تجمعات عشائرية تعمل على مواجهة الأساليب العثمانية التي تتعامل بها ضدهم( ). كما إن تلك العشائر ذاتها هي التي كانت تتصارع في ما بينها من أجل استحصال أكبر عدد ممكن من الأراضي والمراعي المحيطة بالحلة، من أجل بسط السيطرة والنفوذ عليها( ).

    سكنت تلك العشائر في مساكن تسمى الصرايف، وتصنع عادة من سعف النخيل أو من القصب والبردي، وتكون بشكل حنايا تربط بعضها مع البعض الآخر وتغطى بالبواري، ويوجد لها في مقدمتها باب واحد للدخول إليها( ).

    وقد لا يختلف هذا النوع لدى جميع أفراد العشيرة باستثناء شيخها الكبير الذي يكون بيته (صريفته) أكبر ليكون مقراً لاجتماع أبناء العشيرة وحل مشاكلهم والتداول في أمورهم، أو لشرب القهوة والتسامر في ما بينهم( ).

    ولأغلب تلك العشائر أعراف وتقاليد تكاد تكون بمثابة القوانين التي يجب على الجميع الالتزام بها وتطبيقها، وتسمى بـ(السواني) ولها أيضاً أشخاص يقومون بتطبيق تلك السواني يعرفون بـ(العارفة)، وهو بمثابة القضاة في الوقت الحاضر، وربما توارث أولئك الأشخاص تلك المهنة أباً عن جد( ).

    لابد من الإشارة هنا إلى أن الكثير من العشائر المحيطة بالحلة كانت لا تستقر فيها طويلاً، وإنما كانت تتصل بها إما لرعي حيواناتها أو لكونها سوقاً ومركزاً لمبادلة منتجاتها بما يبيعوه من مواشيهم من لحوم ودهون وأصواف وألبان( ). وتلك العشائر كانت تستخدم في سكنها الخيام المصنوعة من شعر الماعز والمعروفة بالصهوات( ).

الأنشطة الاجتماعية في الحلة 

- الأزياء 

    يتفق أغلب الرحالة الذين زاروا الحلة قبل وبعد الفترة موضوع البحث، أن زي سكنة الحلة يتصف بالبساطة، وهو عبارة عن ملابس فضفاضة وطويلة، كما يضع أكثر السكان العمائم البيضاء فوق رؤوسهم، أما الأعراب فمعروفون بكوفياتهم الصوفية المصنوعة من الحرير أو القطن والعقال، مضافاً إليها عباءة صوفية واسعة توضع فوق الأكتاف( ).

    وكما بينا سابقاً فأن التنوع القومي للمدينة انعكس أيضاً في أزياء الملابس وأشكالها وألوانها وأسعارها، مما أعطى لكل فئة من فئات المجتمع زيه الخاص به، الذي امتاز بالبساطة المبينة أعلاه، فمثلاً كان رجال الدين يرتدون الزبون شتاءاً والصاية صيفاً، وينطبق ذلك على الرجال المعروفون اجتماعياً ووجهاء العشائر الذين كانوا يرتدون الصاية في المناسبات، وإلى الآن تتداول الألسن الحلية مثلاً يعكس مكانة وقوة ذلك الرجل فيقولون عنه (بيده الصاية والصرماية) أي انه بيده كل شيء( ).

    أما النساء فترتدي عباءات زرقاء أو سوداء اللون، ويغطين وجوههن بقطعة من القماش الأسود الشفاف والذي يعرف بالبوشية( ). ويشمل لباس النساء البدويات على ملابس عريضة وطويلة تصل إلى أخمص القدمين، وتعصب رأسها بقطعة من وبر الجمال (البعير)، وتميل المرأة الحلية إلى تزيين نفسها، ومن ذلك صبغ الشفاه بقشور الجوز الطري والذي يعرف بـ(الديرم)، وتستعمل الخلاخيل في الأذرع والسيقان، والأقراط في الأنف (وتسمى الخزامة أو الزنبور)، وتثبت في الأنف عن طريق عمل ثقب صغير في أسفله على يد امرأة متخصصة تقوم أيضاً برسم أشكال مختلفة على جسد المرأة باستخدام الإبرة ومسحوق تستخرجه من السواد المحيط بالقدر الذي يعمل فيه الأكل، وتعرف هذه الطريقة القديمة بـ(الدك) وهي تشبه إلى حد بعيد عملية الوشم( ).

- الأعياد والمناسبات 

    كانت الأعياد والمناسبات الاجتماعية التي تقام في المجتمع الحلي دليل على وحدته وتماسكه، حيث تشترك جميع عناصره في الاحتفالات الخاصة بأعياد كل فئة أو طائفة، ومن هذه الأعياد تلك التي تتخذ الطابع الديني إذ يشارك الناس فيها مشاركة فعلية، ومنها رؤية شهر رمضان وهلال العيدين (الفطر والأضحى)( ).

    إضافة إلى تلك الأعياد، فإن احتفالات الزواج لها طقوسها الخاصة بها، تبدأ من يوم طلب يد البنت من بيت أهلها بعد أن يقوم والد العريس أو من ينوب عنه بجمع كبار ووجهاء المدينة أو القرية الساكن معهم في نفس المنطقة وذهابهم جميعاً إلى بيت العروس من أجل طلب يدها وقراءة سورة الفاتحة، وبعد ذلك تبدأ عملية تجهيز الفتاة (النيشان)، وبعده تتم مراسيم الزفاف، والتي غالباً ما تتم بسرعة وعلى وفق مبدأ (خير البر عاجله)، وربما كانت الزفاف (الدخلة) هي اللقاء الأول للعروسين( ). وفي المناطق البدوية يتم زفاف العروس إلى بيت زوجها عن طريق مجيء بعض رجال العشيرة ومعهم تحمل على بعير (هودج) يتم به أخذها إلى بيتها الجديد، وعند اقترابهم من بيت العريس يقوم أولئك الرجال باطلاق العيارات النارية في الهواء من أجل أن يتعرف أهل العريس وأقاربه وجيرانه على مكانهم وقرب وصولهم، وغالباً ما تتم عملية الزفاف بعد الظهر أو حتى قبله وبحسب موقع منطقة العروس وقربها أو بعدها عن أهل زوجها( ). من الضروري أن نذكر هنا أن الزواج بين العروسين يأخذ طابعه وشكله الشرعي بمجرد قيام رجل الدين (المومن) بعقد القران بينهم من دون حصول العقد المعروف بعقد المحكمة، وذلك بسبب قلة ارتباط موالاة العشائر للحكومة في تلك المرحلة( ).إلاّ أن أغلب عقود الزواج كانت تتم بحضور القاضي ومرافقيه الذين كانوا يجلسون في مقرهم الذي يعرف بـ( مجلس الشرع الشريف)( ).

    كما تعد احتفالات ختان الأطفال أو مما يعبر عنها( الطهور) من المناسبات الشعبية التي يشارك بها الجميع، ويقوم بعملية الختان أما رجل من أهل القرية أو المدينة له معرفة وتخصص فيها، أو عن طريق المجيء برجل معروف بالحكيم يقوم بتلك العملية يطلقون عليه المطهرﭽـي وهو مصطلح متداول إلى اليوم( ). وربما شارك مجموعة من أهل المنطقة بإجراء عملية الختان الواحد تلو الآخر، عندما تنطلق الأهازيج وزغاريد الناس وإطلاق العيارات النارية ابتهاجاً بهذه المناسبة، ومن الأهازيج الشائعة في ذلك الزمان،(اليوم طهوره، وباﭽـر عرسه ونفرح بيه) أو( طهرناه وخلصنا منه)وغيرها من الاهازيج الشعبية التي لا يزال أغلبها متداول حتى الوقت الحاضر، كما تقوم بعض العوائل (لاسيما الميسورة منها) باحتفالات ولادات الأطفال وخاصة الذكور منهم، إذ يقوم أهل الولد بعمل موائد الطعام الدسمة وتوزيع الحلوى على أبناء المنطقة أو الاقتصار على الجيران( ).

    على النقيض من مناسبات الأفراح (الزواج والختان) ،فإن المناسبات الحزينة (لاسيما الفواتح)، يشارك فيها جميع أبناء المنطقة أو العشيرة الواحدة، حيث يتناخون فيما بينهم من أجل أتمام مراسيم الفاتحة من تغسيل وتشييع ودفن واستقبال المُعزين لمدة ثلاثة أيام، لذلك تعرف مراسيم الفاتحة في أغلب قرى الحلة بـ(الثالث)، ليتم بعدها جمع الأموال والحاجيات الأساسية من غذاء وشراب وتقسيمها على عدد رجال العشيرة أو القرية لدفعها لمستحقيها، من دون أن يؤثر ذلك على صاحب المتوفى، وان لا يقع عليه العبء وحده، إضافة إلى ذلك فإن المناسبات الدينية مثل عاشوراء كانت قد عكست وحدة المجتمع الحلّي في تلك المرحلة، وذكر أحد كبار السن أن زوجته قد حدثته بأن والدتها روت لها حكاية مفادها ( أن إحدى النساء اليهوديات) كانت تأتي إلى بيوت النسوة المسلمات أيام عاشوراء من أجل اللطم والنواح على سيد الشهداء الإمام الحسين وتذهب مع (الملّة) أو( الملية) إلى كل بيت تزوره وهي تحمل معها كأساً(كلاص) لتشرب به الماء اعتقاداً منها أن المسلمات لا يشربن من نفس الكأس التي تشرب منه لأنها كافرة (نكسه)( ).

- الأنشطة الدينية

    مارس الحلّيون أنشطة دينية من خلال مؤسساتهم الدينية، وأبرزها كانت نقابات الأشراف والطرق الصوفية، والأشراف هم الذين يعودون بنسبهم إلى النبي المصطفى محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) ومعظمهم من الأسر العربية العريقة التي اشتهرت بالعلم والسيادة والزعامة، ومنهم  في مدينة الحلّة آل القزويني، آل الأعرجي، آل بهية، الياسريين، العواودة، وغيرهم، وكان هؤلاء الأشراف يقومون وفي كثير من الأحيان بدور الوسيط بين الحكام والسكان المحليين من عامة الناس، وفي أطراف مدينة الحلة وتحديداً بداية الطريق السياحي، توجد إحدى القرى القريبة منها تعرف بقرية السادة، كان زعمائها من آل العذاري لهم في زمانهم مكانتهم الدينية والاجتماعية( ).

    ومع أنه لا يوجد فصل واضح بين المهام الدينية والمدنية في الدولة الإسلامية، فإنه لم يكن من مهام الدولة العثمانية الاهتمام رسمياً بالخدمات العامة ولا حتى إنشاء المساجد وصيانتها، وربما يعلل هذا الانسحاب من أن مهام الخدمات العامة كانت موكلة إلى مؤسسة غير رسمية هي مؤسسة ((الأوقاف)) التي حاولت الدولة الإسلامية منذ العهد الأموي وحتى نهاية العهد العثماني تنظيم إداراتها بالدرجة الأولى أكثر من الاهتمام بإنشاء أوقاف جديدة( ).

    إضافة إلى الأنشطة الدينية المار ذكرها، فقد مارس الحليون أنشطة اقتصادية لها علاقة بالجوانب الاجتماعية، وتمثل ذلك النشاط بنظام الأصناف، الذي اختلف من مدينة إلى أخرى من مدن العراق العديدة، وبسبب طبيعة تكوين المدينة الاجتماعي والاقتصادي، وكانت أصناف الحرفيين قد مثلت جوهرة مصالح الطبقات الدنيا في تلك المجتمعات( ).

    ويتميز الصنف عن التنظيمات الاجتماعية الأخرى بتكوينه الهرمي المحكم الذي يرأسه غالباً شيخ منتخب من الأساتذة أو الأسطوات البارزين في  الصنف، وكان من أهم مميزات هذا التكوين في العراق أبان القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر هو تأثيره الواضح في النظام العائلي السائد في تلك الحقبة التأريخية، فكان أن تحولت مشيخة الصنف إلى منصب متوارث تتولاه في كل حرفة أسرة معينة بارزة في صنفها، ولهذا جاءت ألقاب أسر معروفة مثل (آل الفحام، وآل القصاب، وآل الحداد، وآل الصراف) لتؤكد على ذلك( ).

الخاتمة

    توصل البحث عن اوضاع الحلة الاقتصادية والاجتماعية في تلك المرحلة الزمنية إلى مجموعة من النتائج التي يمكن إيجازها بالآتي:-

1- استمرت الحلة خلال المدة(1831-1869م) بأنها أحد المراكز الرئيسية للعثمانيين نظراً لموقعها الجغرافي المميز.

2- وفرة وغزارة الإنتاج الزراعي والحيواني في مدينة الحلة المتكون من وفرة الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة ووفرة المياه الناتجة من شبكة الأنهار المتفرعة من شط الحلة أكسبها أهمية خاصة لدى العثمانيين.

3- وجود نهر الفرات( شط الحلة) المهم في النقل النهري،أعطاها أهمية إضافية تمثلت بجمع الضرائب المستحصلة للسلطة العثمانية المطبقة عليها، إلا أن ذلك لم يلغ حالة الفوضى والاضطرابات في أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، إذ لم يجر فيها أي إصلاح ملحوظ يمكن أن يساهم في توطيد الأمن وتوطين العشائر.

4- موقع المدينة على طرق المواصلات التي تربط بين أقاليم ومدن عديدة، جعلها نقطة احتكاك وتفاعل دائم بين مختلف المناطق، الأمر الذي أكسبها تعددية اجتماعية متميزة، انصهرت بمرور الوقت في بودقة واحدة.

5-استمرار العمل بكثير من التقاليد القديمة المتوارثة، يؤكد على ذلك الموروث الحضاري الذي يعد أثمن ما خلفه الإنسان للإنسان، وان هذا الموروث يصدر بتأثير عوامل اجتماعية معينة تثير في الناس الدوافع الطيبة النبيلة وتسمو بهم إلى أعلى.

6- كان من الآثار المباشرة لحركة نمو المدن العراقية في العصر العثماني، وبخاصة في القرن التاسع عشر، وما نجم عنه من نشاط في الحياة الاجتماعية، لسائر الشرائح والفئات، أن تعاظم دور التنظيمات الاجتماعية القائمة بما من شأنه أن يحقق نوعاً من التضامن داخل كل شريحة أو فئة بل وحتى داخل المجتمع ذاته.

7- تأثر الجانب الاقتصادي بالجانب السياسي أي أن عدم الاستقرار السياسي قد اثر بشكل مباشر على إنتاج المحاصيل الزراعية.