القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المواضيع

الوثيقة التاريخية و أنواعها : مفاهيم ومصطلحات

 


 



الوثيقة التاريخية و أنواعها : مفاهيم ومصطلحات

 

1- الوثيقة التاريخية:


تشكل الوثائق التاريخية حيزا مهما يعتمد عليها الباحثون والدارسون والمؤرخون في البحث عن المعلومة التاريخية، ومحاولة توظيفها توظيفا سليما ضمن مجال أبحاثهم ومشاريعهم البحثية. فإنّ أرشيف أيّ أمّة كما يقال "هو مجموعة الأوراق أو الوثائق التاريخية التي تجمّعت على مدى الأزمنة، ويدخل فيها الوثائق الرسمية وغير الرسمية، العامة منها والخاصة، كالخطابات والمذكرات والتقارير والدراسات والنشرات، والأوامر والقرارات الإدارية والوزارية والملكية والجمهورية، كما تشمل محاضر الاجتماعات الخاصة بلجان التخطيط والإدارة، إضافة إلى الآثار والقطع الفنية، فمن مجموع أنواع الوثائق التاريخية لأي مجتمع يتكوَّن الموروث الإنساني أو الأرشيف؛ فهي كنز معرفي من كنوز الماضي، تعكس من جهة صورة أصحابها في حياتهم وماضي تاريخهم، وتُشكِّل من جهة أخرى أهمية بالغة لكل أمة؛ لِما تحمله من درر ومعلومات. وسيتم في هذا الموضوع تقديم معلومات حول أنواع الوثائق التاريخية".

فالوثائق هي إحدى المصادر التاريخية المهمة لأي مجتمع أو جزء منه، وتزداد أهمية الوثيقة التاريخية إذا ما اندرجت ضمن مجموعة من الوثائق في موضوع واحد، أو مرحلة تاريخية معينة، أو في مجال محدد، وقد مثلت بعض الوثائق مثلًا تاريخ تطور القضاء في تجمع بشري ما في فترة زمنية ما، وهي وعاء معلوماتي تزودنا بمعلومات دقيقة وواضحة عن جوانب متعددة. من هنا وجب علينا البحث عن الوثائق والعناية بها بالحفظ والصيانة الدورية مرتبط ارتباطا وثيقا بـ "الحس الوطني".  


2- أنواع الوثائق التاريخية:

يؤكّد المؤرخون والمشتغلون بحفظ الوثائق التاريخية التوضيح بأن مختلف أنواع الوثائق التاريخية ليس المقصود بها الوثائق السياسية فقط، بل إن هناك وثائق بالأهمية نفسها لمجالات الحياة المختلفة سواء الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية أو غيرها، ويمكن تقسيم أنواع الوثائق بطرق كثيرة، وذلك بحسب معايير معينة، ويقسمونها بصفة عامة إلى قسمين، هما:

1-2 الوثائق الأرشيفية: تُجمل الوثائق الأرشيفية في مجموعة الأوراق والسجلات المطبوعة وغير المطبوعة الناتجة عن الأعمال اليومية في الدوائر الحكومية مثل: "مرسوم، قرار، تعميم، توجيه، قانون، نظام، لائحة، اتفاقية، عقود، وما شابهها" والمؤسسات العامة والخاصة، والأفراد، التي تقرر حفظها لأهميتها السياسية، أو القانونية، أو الإدارية، أو الثقافية، أو الاقتصادية، أو غير ذلك. وهي قد تكون ورقة أو صورة فوتوغرافية، أو قد تكون خريطة ما، ولا تقتصر على الأعمال الحكومية بل قد تكون وثائق لجمعيات أو لأشخاص أو لهيئات غير حكومية".

وبالتالي فإن هذا النوع من الوثائق يطلق على الوثائق المكتوبة الرسمية، وشبه الرسمية، وتحتوي على ما يسمى العمل النظاميّ للجهات الحكومية أو شبه الحكومية؛ كما تشمل تحديد واقعة معينة مثل: الزواج، والبيع، والميلاد، والوفاة، وصكوك الملكية، ووصايا الميراث، وبيع وشراء، وغيرها.

2-2 الوثائق الدبلوماتية: هي من مختلف أنواع الوثائق التاريخية التي يثار حول صحتها الجدل والاعتراضات، ويعود لها الفضل في سبب تأسيس علم الدبلوماتيك "علم تحقيق الوثائق"، وهو العلم الذي يتحقق من صحة الوثيقة وعدم تعرضها للتدليس من خلال العنصرين المكونين للوثيقة، وهما:

الشكل: عن طريق تمحيص ودراسة المكون المادي للوثيقة، ويشمل: وعاءها، ونوعية الخط والحبر، والتوقيعات، والأختام، كما يشمل البسملة، والتعريف بالفاعل القانوني، والمخاطب، والتحية، والتاريخ، والأرقام الواردة، الخ.

المحتوى: عن طريق تفحص لغة الوثيقة، وصياغتها، وما تحتويه من وقائع، بالمقارنة والمقاربة بينها وبين وثائق أخرى مجايلة لها.


3- أنواع الوثائق الأرشيفية

إن تقسيمات وأنواع الوثائق التاريخية كثيرة ويصعب حصرها، وتنقسم الوثائق الأرشيفية هي الأخرى بدورها إلى عدة أنواع، ومن حيث عدد من الاعتبارات، ومن أبرزها ما يأتي:

من حيث القيمة: هناك وثائق أولية وهي التي تعتبر المصدر الأم أو الأساسي. ووثائق ثانوية، وهي وثائق ناتجة أو منبثقة بشكل من الأشكال عن وثائق أولية.

من حيث الصحة: تنقسم إلى وثائق رسمية لا يمكن الشك فيها. ووثائق غير رسمية صدرت من جهات غير رسمية فلا بد من التحقق منها.

من حيث المصدر: الوثائق العامة تصدر من مؤسسات الدولة أو جهات خاصة بشرط أن تكون مصدقة منها ومعترف بها، والوثائق الخاصة التي صدرت من مؤسسات وجهات أو منظمات غير حكومية وذات مصداقية ولكنها غير مصدقة رسميًا.


4- أشكال الوثائق الأرشيفية:

تتميز مواد عمل المؤرخ أو كاتب التاريخ بالتنوع والتعدد في أشكالها وأصولها، وفيما يأتي عرض لأهم أشكال وأنواع الوثائق التاريخية والأرشيفية، حيث تختلف هذه الوثائق من نصوص وصحف وأعمال فنيّة وغيرهما:

·       النصوص ووثائق الأرشيف: وهي الصنف المفضّل، نظرًا لتميزها بالدقة أكثر من غيرها، والأرشيف منه ما هو رسمي حكومي، ومنه ما هو أرشيف خاص، وهو ملك الأفراد أو العائلات أو المؤسسات الخاصة ويستوجب الاطلاع عليه ترخيصًا من أصحابه، مثل: عقود الزواج، عقود ملكية، مذكرات، رسائل شخصية، تكوين شركة، الخ. وهي وثائق قريبة جدًا من الواقع والحياة اليومية.

·       الصحف: منها ما هو رسمي حكومي ومنها ما هو خاص، وقد تكون الصحيفة يومية، أسبوعية، قومية، جهوية أو محلية.

·       الوثائق السمعية البصرية: هذا الصنف من الوثائق هو في تطور مطرد في السنوات الأخيرة بسبب التطور من استعمال الراديو والتلفزيون والسينما والفيديو إلى الإنترنت، وهو قابل للتحريف بواسطة عمليات المونتاج.

·       المؤلفات الأدبية: توفر معلومات تاريخية عن الأوضاع الاجتماعية وطرق العيش، أنماط الحياة، العادات، ويكفي التذكير بأهمية الشعر الجاهلي في وصف المجتمع العربي قبل الإسلام.

·       الأعمال الفنية: توفر أيضًا جملة من المعلومات التاريخية، نذكر على سبيل المثال أهمية اللوحات الفسيفسائية في دراسة المجتمع الروماني فهذه الأعمال الفنية هي بمثابة نصوص بالنسبة للمختصّ في تاريخ الفن.

·       الوثائق الأثرية: تشكل مجموعة من البقايا الأثرية من عمارة ونقوش ومسكوكات وخزفيات، وهي تشكل مصدرًا مهمًا للمؤرخين خاصة المتخصصين في دراسة العصور القديمة.

·       الوثيقة الإيقونوغرافية أو المصورة: إن أهميتها في تزايد مستمر منذ مطلع القرن التاسع عشر، والصورة هي بمثابة ألف كلمة، فهي تشكل مصدرًا آخر من مصادر البحث التاريخي يمكن الاعتماد عليه خاصة إذا انعدمت الوثائق المكتوبة، فمثال توفر الرسوم على جدران الكهوف للمؤرخين أفاد بالكثير من المعلومات التاريخية عن الحياة في عصور ما قبل التاريخ.

·       الذاكرة البشرية الحية: يمكن أيضًا اعتبار الشهادات الشفوية لشهود العيان الذين عاشوا الأحداث أو كانوا أحد أطرافها على أن شكل من أشكال الوثائق أو الأرشيف الحي.

·       الوثيقة الإحصائية: تزايدت أهميتها في إطار ما يعرف بالتاريخ الكمي أو ما يعرف أيضًا بالتاريخ التسلسلي.

·       الخريطة التاريخية: وهي ضرورية في ضبط المواقع الجغرافية ووسيلة ناجعة للتعبير عن حدث أو ظاهرة تاريخية مكانية مثل: توزيع السكان، وحركات القبائل، والهجرات.


5- أهمية الوثيقة التاريخية: 

ولا شك أن للوثيقة التاريخية أهمية حاسمة حيث تساهم في تقديم مصادر نوعية للمعلومات والأبحاث التاريخية، والتي تتركز فيما يأتي: حفظ مصادر التاريخ والتراث، فهي تسجيل مثبت للحدث وقت وقوعه، وتحفظ تفاصيله وتحميه من التغيير. تعدّ قوتًا لكتابة الأبحاث التاريخية، وتعمل على تزويد المؤرخين بالمادة الخام للكتابة فهي المصدر الأول حسب تعريف الوثيقة التاريخية، كما تساعد الباحثين في التحقق من صحة المعلومات التاريخية. الوثائق القديمة مهمة لمعرفة الوقائع التاريخية، حيث يعتمد عليها الباحثون في معرفة الحضارات الماضية، وهي تساعد في بناء الهوية الشخصية للشعوب والأمم والحفاظ عليها. وعاء معلوماتي يزوّد الباحث بمعلومات دقيقة وواضحة عن جوانب متعددة، أهمّها:

-      التاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والديني لمجتمع ما، فهو يظل بعيدًا عن متناول المعاينة والمشاهدة؛ لاندثاره؛ أو لتطوره الجذري الكبير. الأعلام من الجنسين في مختلف المجالات. القوانين والأعراف والتقاليد والعادات لمجتمع معين في الماضي، أو لمجتمعات اندثرت.

-      تاريخ الأماكن والمواقع البرية والبحرية في حيز جغرافي محدد، وأحداثها وعمارتها، وأخبارها، وثقافتها المعمارية.

-      تطور أعمال الكتابة نفسها، وأدواتها، وأساليبها، والأهم أوعيتها. نظام الأرشفة الوطنية بدأت فرنسا بالاهتمام بالوثائق التاريخية والوطنية وتعريف الوثيقة التاريخية، فأسست الأرشيف القومي، ووضعت له الأنظمة والترتيبات الإدارية، وفي بريطانيا أيضًا صدرت القوانين من أجل حفظ الوثائق، ونصت على إنشاء دار الوثائق الوطنية سنة 1838، ثم قامت الولايات المتحدة ببناء مركز قومي لحفظ الوثائق الأمريكية؛ وهكذا انتشر الاهتمام في باقي دول أوروبا.

وجديرٌ بالذّكر أنّ أرشيف العثمانيين يعدّ أحد أهم الأرشيفات في تعريف الوثيقة التاريخية، خاصة بما يتعلق بالتاريخ العربي المتأخر؛ ومثله الأرشيف المصري، خاصة بعد انفتاح مصر في زمن محمد علي باشا على التطور الفكري والثقافي والتعليم في فرنسا، ثم مضت الدولة المصرية بتأسيس دار للوثائق المصرية، سنة 1828، فأسست "الدفتر خانة"، فكان دارًا للوثائق، وكان يشبه تنظيم الأرشيف الفرنسي.

المخطوطة والوثيقة: إن الفرق بين المخطوطة والوثيقة في تعريف الوثيقة التاريخية هي أن المخطوطة تكون بخط اليد فقط، فتعرف بأنها: "النسخة الأصلية التي كتبها المؤلف بخط يده، أو سمح بكتابتها أو أقرّها شخصيا بنفسه، أو ما نسخه الوراقون بعد ذلك في نسخ أخرى منقولة عن الأصل أو عن نسخ للأصل"، وتعتبر النسخ المنقولة مخطوطات أصلية ولكنها ليست بنفس قوة التي كُتبت بخط صاحبها، كما أن المخطوطة تتكون من عدد من الأوراق المرتبطة مع بعض ويضمهما غلافان وتحمل عنوانا، مثل مخطوطة عن الخيل، أو عن علم الفلك، أو مذكرات شخصية وما شابهها.


كتب مفيدة في المنهجية ننصح الطلبة بالرجوع إليها لتوسيع معارفهم:

-        https://archive.org/details/Assaciyat.M.Al-tarikh/mode/2up

-        سعيدوني ناصر الدين :  أساسيات منهجية التاريخ

-        https://archive.org/details/benamira1/mode/2up

-        بن عميرة محمد : منهجية البحث التاريخي

-        https://archive.org/details/00077pdf/mode/2up

-        دراسات في منهجية البحث التاريخي

-        https://archive.org/details/20200324_20200324_1340

-        حسن عثمان:  منهجية البحث التاريخي