القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المواضيع

أهمية العالم الإسلامي : الأمة الإسلامية والعالم الإسلامي





أهمية العالم الإسلامي : الأمة الإسلامية والعالم الإسلامي

تقديم

جعل الإسلام من المسلمين أمة خاصة من دون الناس، أمة متميزة ليست كغيرها من الأمم، ذات شخصية مختلفة تمام الاختلاف عن الشخصية التي عرفها العالم قبلها من خلال مفهوم التفسيرات المنحرفة إلى العنصرية أو التعدد أو عزل الأخلاق عن الشريعة أو العقيدة عن الأخلاق، وذلك أن نظرة الإسلام المتكاملة للكون والحياة والمجتمع أثرت تأثيرا بعيدا في مفاهيم الحضارة والنظم والمناهج قال تعالى:( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ).

وقد وصف الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بأنها خير الأمم: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ). فوضع سبحانه وتعالى بذلك مواصفات هذه الأمة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله. فظل الفكر الإسلامي انطلاقاً من طبيعته ومضمونه القائم على التوحيد الخالص يواجه النظريات ويدلي برأيه فيها ولا يتوقف عن النظر المنصف ولا يتقبل كل شيء، وهو بسماحه وانفتاحه على الثقافات والفكر العالمي قادر على عملية الأخذ والعطاء على قاعدته ودون أن يخرج عن مقوماته، وقد حفظ الإسلام من الانهيار والتفكك بقاء القرآن الكريم بعيدا عن كل الأخطار سليما لم يسمه سوء مصداقا لقوله سبحانه:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون)، وبقيت السنة النبوية هادية للمسلمين بعد أن أسلمنا إياها أسلافنا نقية تنير للمسلمين الدرب. وكذلك العلماء الذين يهتدون بالقرآن والسنة الذين لم يخل منهم زمن.

وقد تحدد وضع الناس في أمة الإسلام على النحو التالي:

1- أن هذه الأمة تجمع شمل كل المسلمين بلا استثناء ممن عاش داخل العالم الإسلامي أو خارجه .

2- أن هذه الأمة موجودة بالفعل سواء تجمعت أوصالها في دولة واحدة أو في مجموعة من الدول .

3- أن هذه الأمة تفتح صدرها لمن لم يكن مسلما ويعيش مرتبطا في المكان ومشاركا في مسؤوليات الحياة مع الأغلبية الإسلامية.

 

وعلى هذا كان وصف الأمة الإسلامية بأمة الوسط: قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا). والوسط هو الخيرية في كل شيء والاعتدال في كل شيء، وعدم الإفراط والتفريط والغلو والتقصير، وعدم الاقتصار على ناحية والتقصير في ناحية مما فيه خير دين ودنيا.

الروابط التي تجمع أفراد الأمة الإسلامية 

وحّد الإسلام بين المسلمين على اختلاف عناصرهم وأجناسهم وبيئاتهم ولغاتهم وألوانهم وأوطانهم، وأقام هذه الوحدة على أسس بينة وقواعد راسخة لا يتسرب إليها الضعف ولا يتسلل إلى بنيتها التفسخ والانحلال. قال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا"

وقد وكل إلى المسلمين رسالة واضحة مشرقة قوية لا يعرف العالم ولن يعرف رسالة أعدل منها ولا أفضل ولا أيمن للبشرية، هذه الرسالة : الدعوة إلى الله وحده وما ينبني على التوحيد من واجبات. فقامت الرابطة بين أبناء الأمة الإسلامية على أساس العقيدة الإسلامية أساس الدين الإسلامي الذي هو فطرة الإنسان ففيه:

1- توحيد الإله: الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . فإقرار المسلم بالإله الواحد يعني إفراد العبودية لله وحده ، وتحرير العباد من عبادة العباد الى عبادة الله ، وإخراجهم من ظلمات الجهل إلى عدل السماء .

2- التوجه نحو كعبة واحدة في الصلاة: فحيثما يكون المسلم يتوجه إلى البيت الحرام في مكة، مما يحقق وحدة الهدف، ويعود المسلمين الاتجاه الخالص الذي لا تشتته أهداف جانبية ولا تتنازعه غايات دنيوية تزول، وتنتفي الفوارق والطبقية .

3- وحدة الكتاب (القرآن الكريم): الذي يقوم عليه التشريع وتؤخذ منه الأحكام في مختلف شئون الحياة التعبدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والعسكرية، مما يحقق وحدة الفكر ووحدة الثقافة ووحدة الاتجاه، وهي من الأسس الهامة التي لا تقوم لأمة بغيرها قائمة.

4- وحدة الحج الى بيت الله الحرام: والحج مؤتمر إسلامي سنوي عام يُوحّد بين المسلمين مما دفع بعض المستشرقين إلى أن يقول:" إن الوحدة الإسلامية إنما هي قائمة على ركنين أساسا ولا ثالث لهما، الحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، والخلافة. وقد غلب على رأي الكثيرين من رجال الغرب وَهْمٌ في هذا الموضوع، فهم ما برحوا يخالون الخلافة لا الحج العامل الأكبر والأشد الذي بسببه يتشارك المسلمون ميولا وعواطف تشاركا مؤديا إلى اعتزاز الوحدة وازدياد منعتها وامتدادها وانتشارها، على أن هذا لمن الوهم الصرف، فالأمر حقا على الضد منه. فالمقاصد والأغراض السياسية التي ينالها المسلمون على يد الحج الممهد لها السبيل إنما هي معلومة لا تحتاج إلى كبير إيضاح. بل يكفي أن نقول: إنما الحج هو المؤتمر السنوي العام. وفي هذا المؤتمر العظيم كانت قلوب قادة اليقظة الإسلامية وأبطالها كمحمد بن عبد الوهاب ومحمد بن السنوسي وجمال الدين الأفغاني تشعر بجلالة الواجب الإسلامي المقدس وتتقد من خطورة المشهد وروع المحفل غيرة على الإسلام والمسلمين".

فهو يغذي روح الوحدة الإسلامية العامة، التي تترفع على العصبيات والقوميات، ومن يحج تشع فيه حماسة دينية لمثل الإسلام العليا ، كما أنه وسيلة لنقل وتبادل العلوم، والأفكار، بين المسلمين، ويفتح عقل المسلم على أساليب أعداء الإسلام ويفضحهم.

5- وحدة اللغة: وهي اللغة العربية التي اختارها الله سبحانه لتكون لغة القرآن الكريم وحث نبيه الناس على تعلمها والتكلم بها لمعرفة أحكام الإسلام وتفهم تشريعاته، فاللغة العربية ليست للعرب وإنما هي للمسلمين جميعا، وهي وسيلة التفاهم بين المسلمين ووسيلة التعاون والوعاء الذي يحفظ الإسلام منهجا وينقل تراثه . قال صلى الله عليه وسلم:"وإن العربية ليست لأحدكم بأب ولا أم، إنما هي لسان فمن تكلم بالعربية فهو عربي " وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تعلموا العربية فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم " فمعرفة العربية واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهمان إلا بالعربية . وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".

وقد حفظ القرآن هذه اللغة وصانها الإسلام ونشرتها دعوة التوحيد بين الأمم في أقطار المعمورة، ولولا المؤامرات والهجمات الشرسة التي قادها المستعمرون والشعوبيون على هذه اللغة لما وجد مع العربية في أقطار شبه القارة الهندية، واندونيسيا، وماليزيا، وأفريقيا، لغة أخرى تضارعها انتشارا .

6- التاريخ المشترك لأمة الإسلام: الذي ينتج عنه وحدة الآمال والآلام، ويجعل من المسلمين أمة واحدة يحس كل فرد منهم بإحساس الآخر في السراء والضراء، فكل مسلم يتجه إلى الآخر في مشاركته الوجدانية في مواقع بدر، والفتح، وتبوك، واليرموك، والقادسية، وحطين، وعين جالوت، وبلاط الشهداء، ونكبة المسلمين في الأندلس، وفي فلسطين ، ووضع المسلمين في الاتحاد السوفيتي، واريتريا، والفلبين، وفطاني، وأفغانستان، والهند، وكشمير، وأثيوبيا، وغيرها. ولا نعرف بلادا افتخرت بمن فتحها، واعتزت به، وجعلته ميلادا لتاريخها طوعا، غير بلاد الإسلام فمصر اعتزت بعمرو بن العاص، والشام اعتزت بأبي عبيدة وخالد وغيرهما، والعراق اعتز بسعد بن أبي وقاص، وشمال أفريقيا اعتز بعقبة بن نافع وحسان بن النعمان، وباكستان اعتزت بمحمد بن القاسم... وهكذا .

7- وحدة النبوة والرسالة : قال تعالى: )آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(.

ومن ذلك تنتج وحدة القيم والتقاليد والعادات بين أبناء المسلمين في مختلف أقطارهم ، فأنّى توجهت في أرجاء هذا العالم الإسلامي تجد بين المسلمين قيم صلة الرحم، وحق الجار، والحشمة، والوقار، ونبذ المنكرات، وأكل الطيبات، وأعراف الأسرة، وآداب المعاملات واحدة، حتى أنك لا تجد غربة أو تنافرا حين يضمك جمع من المسلمين الواعين على الإسلام ولو كانوا من أقطار شتى، لأن الإسلام وحد قيمهم وتقاليدهم وفق أحكام القرآن الكريم ومفاهيم السنة الشريفة. قال تعالى:)وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(. وقال عليه الصلاة والسلام:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

هذا ولم يهمل الإسلام غير المسلمين في المجتمع الإسلامي فدعاهم أهل الذمة ، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ، وقد حدد علاقات المسلمين بهم على أسمى ما عرفت البشرية من علاقات تجاوزت حد الإنصاف إلى آفاق البر والرحمة " يقاتل دونهم ويحميهم ويعينهم ".

وفي ضوء مفهوم الأمة نجد أن الإسلام يقيم من أهله أمة كاملة على أوفق وأكمل ما يكون نظام الأمم .

ومفهوم الأمة الإسلامية أكثر شمولا من مفهوم العالم الإسلامي فهو يتسع حتى يشمل المسلمين جميعا في جميع أركان العالم وأقطاره. فالدعوة الإسلامية دعوة عالمية لا تقتصر على شعب معين أو بلاد معينة، فكل أرض تصلح للإسلام ولدعوته ولمبادئه مهما كانت طبيعتها ومهما كان جنس سكانها ولونهم ولغتهم . قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا).

وأما ما يطلق عليه العالم الإسلامي اليوم: فهو تلك الرقعة من الأرض التي تكاد تكون متصلة، دونما حواجز، أو فواصل، في العالم القديم آسيا وإفريقيا وأوربا، من إيريان الغربية شرقا في أندونيسيا، إلى جزر الرأس الأخضر، مقابل السنغال، في المحيط الأطلسي غربا، ومن جبال الآرال وسيبيريا شمالا، إلى موزمبيق جنوبا، فهو على ذلك مفهوم جغرفي يشمل البلدان التي تسكنها أكثرية مسلمة أو كانت تخضع للمسلمين سابقا أو كانت ذات أغلبية مسلمة.

وإليك بيان بأسماء بلدان العالم الإسلامي ومساحة كل بلد وعدد سكانه بما فيهم غير المسلمين حسب التقديرات التي تمكنت من الحصول عليها.

أولا/البلدان الإسلامية في افريقية: مصر. السودان. الجزائر. تونس. المغرب. ليبيا. مالي. الصومال. جيبوتي. السنغال. غامبيا. غينيا. توجو ساحل العاج. الكاميرون. نيجيريا. النيجر. تشاد. تنزلنيا. جزر القمر. غانا. سيراليون. موزمبيق. اثيوبيا وأريتيريا.

ثانيا/ البلدان الإسلامية في آسيا : السعودية. اليمن. عمان. البحرين. قطر

ثالثا/المسلمون في أوربا:

ومن هذا يتضح أن مساحة العالم الإسلامي تزيد على 37مليون كيلومتر مربع، ويعيش فيه أكثر من850مليون نسمة، باستثناء الأقاليم التي انحسر عنها المدُّ الإسلامي، في الأندلس، وصقلية، والبلقان، والهند. ورغم جميع المعوقات فما زال الإسلام في توسع دائم، وخصوصا، في منطقتين هامتين من مناطق العالم: هما قلب أفريقيا وجنوبها، وجنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى أنه يشق طريقه إلى العالم الجديد– أمريكا الشمالية والجنوبية ، وأستراليا – والإسلام هو دين المستقبل، وقارة أفريقية بشكل خاص هي قارة المستقبل بالنسبة للإسلام، ولا يخلو قطر من أقطار العالم من مسلمين. وهناك أقطار تضم أقليات إسلامية كبيرة. وبذلك يزيد عدد الأقليات الإسلامية على 250 مليون نسمة، فيصل عدد المسلمين إلى أكثر من مليار نسمة في العالم بأجمعه.

أهمية العالم الإسلامي 

يتمتع العالم الإسلامي بميزات متعددة أكسبته أهمية كبيرة، كما جعلته موطن الصراع بين القوى العالمية المختلفة، ومن هذه المميزات:

1)- موقعه الاستراتيجي: فهو يشغل قلب العالم القديم (آسيا،افريقيا، وأوربا) ويمتد على مسافة تقدر بنحو 20 ألف كم من الشرق الى الغرب،(من ايريانا في أندونيسيا إلى جزر الرأس الأخضر مقابل السنغال في المحيط الأطلسي). كما يبلغ امتداده من الشمال إلى الجنوب أكثر من سبعة آلاف كيلو مترا، من جبال الآرال شمالا إلى موزمبيق جنوبا. فيشرف بذلك على الأذرع المائية من البحار والمحيطات ويتحكم في منافذها الهامة.

فالبحار الهامة التي يشرف عليها العالم الإسلامي هي:

1- البحر الأبيض المتوسط : وهو من أهم بحار العالم من حيث القيمة التاريخية والتجارية، وتشغل أرض الإسلام ساحله الجنوبي وساحله الشرقي وبعض سواحله الشمالية – ألبانيا وآسيا الصغرى – وكان في العصور الوسطى بحيرة إسلامية، وازدادت أهميته في العصور الحديثة بعد شق قناة السويس وبعد انتشار المواصلات الجوية، حيث أصبح طريقا إجباريا للطيران التجاري الجديد.

2- البحر الأحمر: وهو بحر إسلامي، يمتلك المسلمون سواحله كلها، وقد ازدادت أهميته بعد اتصاله بالبحر الأبيض المتوسط بقناة السويس. فأصبح أخطر طرق المواصلات البحرية في العالم، باعتباره حامل البترول ومعبر التجارة الأساسية ومجال تدفق القوة العسكرية ما بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود والمحيط الأطلسي وبين المحيط الهندي والمحيط الهادي.

ويبلغ طوله 3384 كم ومتوسط عرضه 240كم، ويقترب عند بدايته في الجنوب حيث مضيق باب المندب فلا يتجاوز الفاصل المائي 33 كم مما يسهل العبور بين جنوب غرب آسيا وشرق افريقيا.

3- بحر العرب: الذي يمتد من مضيق باب المندب الى الهند، ويمتلك المسلمون سواحله جميعها.

4- الخليج العربي: وهو بحيرة إسلامية. تشرف عليه سواحل شبه الجزيرة العربية الشرقية وإيران والعراق.

5- البحر الأسود: وهو كذلك بحيرة إسلامية قبل أن يمتد الروس إلى بقاعه وسواحله الشمالية . بموجب معاهدة كوجك قينارجي عام 1774م، حيث أصبح لهم منفذ مباشر عليه . وحصلوا على حق المرور بسفنهم في المضائق.

6- بحر البنغال: وتقع عليه بنغلاديش، وإقليم أراكان الإسلامي في بورما.

7- بحر الصين الجنوبي: ويطل عليه العالم الإسلامي من جهة ماليزيا الشرقية، وبروني، وبورنيو الاندونيسية، ومورو في جنوب الفلبين.

وأما المحيطات الهامة فهي:

1- المحيط الأطلسي: ويمتلك المسلمون معظم سواحل إفريقيا الغربية المطلة على هذا المحيط من طنجة شمالا حتى خليج بيافرا جنوبا .

2- المحيط الهندي: ويمتلك المسلمون قسطا كبيرا من ساحل افريقيا الشرقية (الصومال وتنزانيا) المطلة على هذا المحيط، كما يمتلكون شواطئ آسيا الجنوبية من باب المندب ، إلى كراتشي (بحر العرب)، وشواطئ ماليزيا، واندونيسيا.

3- المحيط الهادي: ويطل عليه العالم الإسلامي من خلال بعض جزر اندونيسيا والفلبين.

وأما أهم المنافذ المائية التي يتحكم فيها العالم الإسلامي فهي:

1-    مضيق جبل طارق: ويتحكم في اتصال المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط .

2-    مضيق بنزرت: الذي يحكم اتصال حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي بحوضه الشرقي .

3-    مضيق الدردنيل والبوسفور: وبينهما بحر مرمرة ، ويحكمان اتصال البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأسود .

4-    قناة السويس: وهي من أهم المنافذ المائية الاصطناعية في العالم، وتحكم اتصال البحر المتوسط بالبحر الأحمر .

5-    مضيق باب المندب وخليج عدن: ويحكمان اتصال البحر الأحمر ببحر العرب والمحيط الهندي. ومضيق باب المندب( أو بوابة الدموع) لا يزيد اتساعه عن (33 كم) تقسمه جزيرة (ميون) أو (بريم) إلى قسمين، ضيق من جهة الشرق ( 3 كم فقط ) والباقي من جهة الغرب.

6-    مضيق هرمز وخليج عمان: ويحكمان اتصال الخليج العربي بالمحيط الهندي.

7-    مضيق ملقا وسنغافورة: ويحكمان اتصال المحيط الهندي ببحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي .

كل ذلك اكسب العالم الإسلامي أهمية إستراتيجية وعسكرية لها خطورتها في ميزان القوى العالمية، وهذا يفسر لنا الاضطرابات والخلافات الحادة بين الدول ذات النفوذ على العالم الإسلامي، فهي تعمل على إبقائه مضطربا وتعمل على إثارة المشاكل حتى يبقى ممزقا يسهل التحكم فيه، وبذلك نفسر الأسباب التي جعلت الدول الكبرى تثير النزاعات بين أقطار المغرب العربي، ومشكلة تشاد، وجنوب السودان، وقضايا المسلمين في أثيوبيا واريتريا والصومال، والنزاع بين اليمن الشمالي والجنوبي، والحرب العراقية الإيرانية وامتداد آثارها وأزمة لبنان، وزرع إسرائيل في فلسطين، والنزاع بين اندونيسيا وماليزيا، وانفصال بنغلاديش عن باكستان، وغزو أفغانستان. إذ يحاول المعسكران الشيوعي والغربي على منع الوحدة والتعاون بين أجزاء العالم الإسلامي بأي ثمن، وهذا ما يتفق عليه المعسكران وإبقاء المنطقة منطقة صراع على النفوذ وقودها أهلها وإمكانياتها الهائلة التي تذهب هدرا ولمصلحة الغرب أو الشرق ومصانعهما! .

ثانيا/ وفرة الثروات في العالم الإسلامي وتنوعها:

يمتاز العالم الإسلامي بأهميته الاقتصادية بما حباه الله من ثروات  متنوعة زراعية ومعدنية وحيوانية وهذه فكرة موجزة عن هذه الثروات:

1- الثروات الزراعية:

يحوي العالم الإسلامي أراضي زراعية واسعة، وتجري فيه كثير من الأنهار الهامة منها: نهر النيل والنيجر والملوية واموداريا ( جيحون ) والعاصي والليطاني والأردن في آسيا. بالإضافة الى مياه العالم الإسلامي الجوفية الكثيرة .

ولاتساع العالم الإسلامي يتنوع مناخه، الأمر الذي يؤدي الى تنوع الثروات الزراعية، والذي يؤدي بدوره إلى التكامل الزراعي الذي لا يتوفر لأي عالم غير عالم الإسلام. وهذا بدوره يؤدي إلى الاكتفاء الذاتي.

ومن الممكن إجمال الأقاليم المناخية الإسلامية فيما يلي :

أ- المناخ الاستوائي: حار ماطر طوال العام، غاباته كثيفة، ويسود في الملايو وأكثر الجزر الأندونيسية وجنوب السودان.

ب- المناخ الموسمي: حار ماطر صيفا، وغاباته كثيفة، ويسود في بنغلاديش، واليمن، وعمان، ونيجيريا، وساحل خليج غينية، وهضبة الحبشة .

ج- المناخ السوداني: حار، أمطاره صيفية وأقل من أمطار المناخ الموسمي وتنمو فيه الأعشاب الطويلة –السفانا– التي تصلح كمراعي. يسود في السودان، وتشاد ، والنيجر، ومالي، والسنغال .

د- المناخ المعتدل الدافئ:( مناخ البحر الأبيض المتوسط) ويسود على سواحل البحر الأبيض المتوسط الجنوبية، والشرقية، والشمالية.

5- المناخ القاري: وهو إما صحراوي حار في الصحراء الإفريقية الكبرى، وشبه جزيرة العرب، وجنوب إيران، وجنوب باكستان، وصحراء ثار في الهند. أو صحراوي بارد في هضبة إيران، وهضبة الأناضول، والتركستان.

ومن الغلات الزراعية الهامة في العالم الإسلامي:

1-الأرز: في ماليزيا، وبنغلاديش، وباكستان، ومصر، واندونيسيا .

2-القمح: في إيران، وأفغانستان، وتركيا، وباكستان، والشام، ومصر، والعراق، وأقطار المغرب العربي. وقدمت المملكة العربية السعودية كثيرا من الدعم للمزارعين حتى أوشكت أن تصل إلى الاكتفاء الذاتي في إنتاجه بل وتمد غيرها من الأقطار الإسلامية.

3- الخضروات والفواكه: في إقليم البحر الأبيض المتوسط. والموز في الصومال، وافريقية الغربية، والحمضيات في تركيا، وشمال إفريقيا، وبلاد الشام وخاصة فلسطين، ونخيل التمر، في المناطق الصحراوية.

4- القطن: وينتج العالم الإسلامي أنواعه المختلفة: طويل التيلة في مصر والسودان. ومتوسط التيلة في تركيا، وباكستان، وأفغانستان، وإيران. وقصير التيلة : في المغرب العربي، وباكستان.

ويزرع القطن في الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي في إقليم تركستان في وادي سرداريا، وأموداريا، وفي أذربيجان، وداغستان غربي بحر قزوين، وتنتج هذه المنطقة لوحدها أكثر من إنتاج دول العالم الإسلامي مجتمعة.

ويصل إنتاج العالم الإسلامي إلى 40 % من الانتاج العالمي للقطن. وتستغل بذور القطن في صناعة زيت القطن.

5-الحبوب الزيتية: لصناعة الزيوت النباتية كالسمسم في مصر، والسودان، وإندونيسيا، وتركيا، والفول السوداني في السودان، ونيجيريا.

6-الأشجار الزيتية: كزيت النخيل، وجوز الهند، في أندونيسيا، وماليزيا، وبنغلاديش، والزيتون في إقليم البحر الأبيض المتوسط.

7- قصب السكر: في باكستان وإندونيسيا وبنغلاديش ومصر .

8- بنجر السكر : في تركيا وسوريا وإيران وأفغانستان .

9- المطاط: من محاصيل الأشجار الغابية في الإقليم المداري وتنتج نيجيريا 72 % من الإنتاج العالمي. كما تنتجه كل من إندونيسيا والملايو .

1-    الغلات العلفية: كالذرة، والشعير، والبرسيم، والشوفان، في كثير من البلدان الإسلامية التي تربي الأبقار.

2-    الثروات الحيوانية: في العالم الإسلامي مراعي طبيعية واسعة :

أ- السفانا: وهي الحشائش التي تتخللها الأشجار وتوجد على نطاق ضيق في بعض الأجزاء الغربية من باكستان، والأجزاء الشرقية من جزيرة جاوة، وبعض جزر اندونيسيا الشرقية، والسودان، ومالي، وتشاد، وشمال شرق نيجيريا.

ب- الأستبس: وهي السهوب ذات الحشائش الخالية من الأشجار وتوجد في مالي، وموريتانيا، والنيجر، ووسط السودان، والصومال، والجزائر، والمغرب، والتركستان، وهضبة الأناضول، وبعض أجزاء هضبة إيران.

ج- الكلأ الصحراوي: وهي الأعشاب الشوكية والشجيرات القصيرة، وتوجد في الصحراء الكبرى الإفريقية، والصومال، وشبه جزيرة العرب، وهضبة إيران، وجنوب تركستان.

ولوجود مثل هذه المراعي تنتشر في العالم الإسلامي تربية الإبل، والماعز، في الصحراء العربية، والخيول، والأغنام ، والجمل ذو السنامين، والياك (يشبه البقر) في تركستان. والإبل، والبقر، والماعز، والأغنام، في أفغانستان وإيران.

والخيل، والبقر، والماعز، من نوع الأنجورا المشهور بشعره الجيد في تركيا. والإبل، والأغنام، والماعز في الصحراء الأفريقية. وهناك تجربة ناجحة للمملكة العربية السعودية رائدة في استغلال الصحارى وتحويلها إلى جنات تربي فيها أنواع مختلفة من الحيوانات.

3- الثروة المائية وصيد البحر:

يطل العالم الإسلامي بجبهات طويلة على مسطحات الماء لمجموعة من البحار التي تتوغل في جسم اليابس ، على شكل خلجان ، وأذرع كبيرة كما بينا ، كما أنه يحوي على أنهار كبيرة ، وبحيرات ، وبحار داخلية ، كبحر قزوين ، كل ذلك جعل العالم الإسلامي غنيا بالثروة المائية ، وصيد البحر ، ولكن استغلاله لهذه الثروات قليل في الوقت الحاضر .

ومن أهم هذه الثروات :

أ‌-     الأسماك: وتستغلها اندونيسيا، وباكستان، وتركيا، وماليزيا، ومصر ، والمملكة العربية السعودية، والمغرب.

ب‌-  الأسفنج: ويصاد من أعماق تتراوح بين 6أقدام و25 قدما، ويكثر صيده بالقرب من سواحل البحر الأبيض المتوسط الجنوبية، وسواحل البحر الأحمر.

ج- اللؤلؤ: ويصاد من مياه الخليج العربي ، وبالقرب من سواحل باكستان، وبعض مناطق البحر الأحمر. وكانت له شهرة تاريخية كبيرة، وقد أخذت أهميته الاقتصادية تتدهور أخيرا تحت ضغط منافسة اللؤلؤ الصناعي الرخيص الثمن.

3-    الثروة المعدنية: والعالم الإسلامي غني بمعادنه المستغلة وغير المُستغلَة والاحتياطية، وسنذكر أهمها:

أ- البترول والغاز الطبيعي: وتحتل دول العالم الإسلامي المركز المتفوق والمرموق في مجال إنتاجه واحتياطيه الذي يقدر بأكثر من75 % من احتياطي العالم كله . وأهم المناطق الإسلامية لإنتاجه :

1-    منطقة الخليج العربي: السعودية، العراق، إيران، الكويت، قطر، عمان، والإمارات العربية.

2-    منطقة جنوب شرق آسيا: وهي ماليزيا، أندونيسيا، وسلطنة بروني .

3-    منطقة قفقاسيا بين بحر قزوين، البحر الأسود، وتستغله روسيا السوفيتية.

4-    منطقة خليج السويس: مصر .

5-    منطقة شمال افريقيا: ليبيا، والجزائر.

6-    منطقة غرب افريقيا: نيجيريا .

وكانت الشركات الأجنبية تتلاعب كما تشاء في إنتاجه وتسويقه، إلى أن تكونت منظمة الدول المصدرة للبترول – الأوبك– عام 1960م. فحافظت على المستوى المناسب للأسعار وجردت شركات الاستثمار من التلاعب بحقوق الدول المنتجة له.

وهذه الدول العشر الأوائل في احتياطي البترول الثابت وجوده حتى نهاية عام 1985 م بملايين الملايين:

- السعودية 169190  - الكويت 92464   - الاتحاد السوفيتي 61000  - المكسيك 49300  - إيران 47876 - العراق 44110  - أبو ظبي 31000 - الولايات المتحدة 28000 - فنزويلا 25591 - ليبيا 21300

وهكذا يظهر بوضوح أهمية العالم الإسلامي في احتياطي البترول، كما في إنتاجه.

ب- الفوسفات: ويستعمل لصناعة الأسمدة، وتنتجه كل من المغرب، الجزائر، تونس، السنغال، مصر،الأردن، وسوريا.

ج- الكوبلت: من معادن السبائك الهامة، ويمنع الصلب من الصدأ، كما يتحمل درجة الحرارة العالية جدا، فتصنع منه الآلات في الطائرات النفاثة، والآلات التي تدخل في صناعة الأسلحة الذرية. والمغرب هي رابع دولة في العالم في إنتاجه.

د- الكروم: وهو معدن يستعمل في صناعة السبائك المعدنية، والعالم الإسلامي ينتج 45 % من انتاج العالم منه. وتنتجه كل من تركيا، وإيران، وباكستان، والسودان .

هـ- الحديد: في ماليزيا، وتركيا، وإيران، وباكستان، ومصر، وغينيا ، وموريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس .

و- القصدير: وهو معدن تحتاجه الصناعات المعدنية الهامة فهو يشترك مع النحاس لتكوين البرونز، ويستعمل في صناعة الصفيح، والعلب التي تحفظ المأكولات، وفي عمليات اللحام، والسبائك البرونزية. وينتج العالم الإسلامي أكثر من نصف الإنتاج العالمي من بلدان مليزيا، واندونيسيا، وأقطار المغرب العربي، وإيران، وتركيا، ونيجيريا.

ز- المنغنيز: ويدخل في صناعة السبائك، والصلب، وفي الصناعات الكيمائية. وأهم البلدان المنتجة له: مصر، والمغرب، وتركيا.

ح- الرصاص: في إيران، تركيا، المغرب، الجزائر، وتونس.

طـ- أملاح الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والبروم والمغنيزيوم – الأملاح المعدنية –: وأشهر أماكن استغلال هذه الأملاح الهامة البحر الميث ، حيث يقوم العدو الصهيوني باستغلالها في فلسطين .

ومن المعادن الهامة الأخرى في العالم الإسلامي: الكولمبايت وتنتج منه نيجيريا 90% من الإنتاج العالمي، وهو يستغل بعد خلطه بمعادن أخرى في صناعة محركات الطائرات النفاثة. كما توجد معادن: الذهب، النحاس، التيتانوم، التنجستن، الفحم الحجري، واليورانيوم.

7-    الثروة الصناعية: إن ما بيناه من ثروات تتيح للعالم الإسلامي الفرصة في أن يصبح عالما صناعيا، إذ تتوفر فيه مقومات الصناعة وهي :

أ‌-     توفر المواد الخام، من مواد زراعية، ومعدنية ، وحيوانية، وغابية .

ب‌-  توفر مصادر الطاقة – القوى المحركة – من بترول، وغاز طبيعي، ومساقط مياه التي تولد الكهرباء المائية، والفحم الحجري، والطاقة الشمسية .

ج- توفر رؤوس الأموال وخاصة في البلدان المنتجة للبترول .

د- توفر الأيدي العاملة وخاصة في أندونيسيا، وبنغلاديش، وباكستان، ومصر، وسوريا، وتونس .

هـ- توفر الأسواق الاستهلاكية: الداخلية لاتساع العالم الإسلامي وكثرة سكانه. والخارجية لسهولة المواصلات التي تصل العالم الإسلامي بغيره.

ثالثا/ العالم الإسلامي مركز المواصلات العالمية: البرية والبحرية والجوية، ويعود ذلك إلى:

أ‌-     موقع العالم الإسلامي في قلب العالم القديم– آسيا وأفريقيا وأوروبا– وتوسطه بالنسبة للعالم القديم والجديد – أو أمريكا الشمالية، والجنوبية، واستراليا .

ب‌-  إشرافه على البحار والمحيطات العالمية الهامة .

ج- توفر مواد الوقود، والمواني الجوية والبحرية .

د- صفاء أجوائه معظم أيام السنة الذي اجتذب خطوط الطيران العالمية .

وقد زادت هذه الأهمية بشق قناة السويس التي سهلت اتصال الشرق بالغرب بحرا وقلصت المسافات إلى حد كبير .

وهكذا تتبين أهمية العالم الإسلامي. إذ أعلن مسئول في وزارة الخارجية الفرنسية عام 1952م: "العالم الإسلامي عملاق مقيد، لم يكتشف نفسه حتى الآن اكتشافا تاما، وهو حائر قلق، ضائق بتخلفه وانحطاطه، وإن كان يعاني من الكسل والفوضى، غير أنه راغب في مستقبل أحسن، وحرية أوفر. وعلينا أن نبذل كل جهودنا حتى لا ينهض ويحقق أمانيه !!. ذلك إن فشلنا في تعويق نهضته يعرضنا لأخطار جسيمة، ويجعل مستقبلنا في مهب الريح.

إن صحوة العالم العربي، وما يتبعه من قوى إسلامية كبيرة نذير بكارثة للغرب، ونهاية لوظيفته الحقيقية في قيادة العالم ".