القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المواضيع

الاستعمار وحركات التحرر في إفريقيا وآسيا : الحركات الاستعمارية في آسيا

 


الاستعمار وحركات التحرر في إفريقيا وآسيا 

 الحركات الاستعمارية في آسيا

Colonialism and liberation movements 

in Africa and Asia

 Colonial movements in Asia


أهمية القارة الأسيوية 

تحتل آسيا المرتبة الأولى مساحة من بين قارات العالم بـ 44 مليون كم2، وبذلك تمثل 35% من مساحة اليابسة.[1] ويخترق القارة أعلى سلاسل جبلية في العالم: الهملايا (قمة إيفرست: 8848م)، وبها أكبر الديانات السماوية الثلاث: اليهودية- النصرانية- الإسلام، التي وصلتها من جهات أخرى، وبها الوثنية كالبوذية والهندوسية والكونفوشيوسية، وهي ذات أصول محلية.

كما أنها أكثف القارات سكانا، حيث يوجد بها ½ سكان العالم. فقد قدر عدد سكانها سنة 2021: بـ 4,555 مليار نسمة، في الوقت الذي بلغ فيه عدد سكان العالم: 7.753 مليار نسمة. يحيط بها المحيط الهادي من الشرق والمحيط الهندي من الجنوب، وبها بحار داخلية عديدة(قزوين- آرال- الميت- الأسود.)


تاريخ الحركة الاستعمارية في آسيا : المرحلة التجارية (1498-1850)

عندما حل الأوربيون بالقارة الأسيوية وجدوا المسلمين هم سادة البحار هناك. فقد سيطر العرب لقرون عديدة على مقاليد الأمور التجارية في المحيط الهندي وقيادة الملاحة فيه، وتتمحور أسباب ذلك فيما يلي:

1-الموقع الجغرافي لشبه الجزيرة العربية وبلدانها.

2-ركوب العرب البحر منذ الأزمنة القديمة وبراعتهم في الملاحة وبناء السفن.

3-انتشار الإسلام وعظمة الدولة العربية الإسلامية وهيبتها وأثرها الكبير في دعم مكانة العرب التجارية.

وهكذا بحلول القرون الأولى من الهجرة أصبح العرب سادة المحيط الهندي تجاريا وملاحيا، وتحول المحيط الهندي وكأنه بحيرة عربية.

السيطرة الأوربية على التجارة الأسيوية

كان الأوربيون يحلمون بالوصول إلى الهند، وانتزاع احتكار تجارة الشرق من أيدي العرب المسلمين. وقد تحقق ذلك بعد وصول البرتغاليين على يد فاسكو دي غاما إلى كليكوت الهندية بالساحل الجنوبي الغربي من شبه القارة الهندية في 17 ماي 1498. وكانت البرتغال أكثر الدول الأوربية عداء للإسلام وأشدها تمسكا بالقضاء على قوة الإسلام السياسية.

وأصبح شغل البرتغاليين الوصول إلى آسيا بالالتفاف حول البلاد الإسلامية للقضاء على المسلمين ونشر المسيحية في آسيا واستغلال ثروات القارة الطائلة.      وفي هذا المجال وصل فاسكو دي غاما سنة 1498 إلى الهند –كما ذكرنا- وعاد بالتوابل، مما جعل الملك البرتغالي يرسل أسطولا مكونا من ست سفن بقيادة كابرال إلى كاليكوتْ بالهند التي وصلها في سبتمبر 1500.

وفي سنة 1502 قاد فاسكو دي غاما حملة ثانية على الهند وارتكب فظائع ضد المسلمين في كاليكوتْ، وبنى البرتغاليون حصنا في كوشين، وعين الملك البرتغالي فرانسيسكو دالميدا أول نائب له في الهند لحماية التجارة على ساحل ملابار، وجعل من كوشين مقرا له، وبنى حصنا في كانانور.

وفي سنة 1506 أرسل ملك البرتغال: ألفونسو دي البوكرك لانتزاع سيطرة المسلمين على البحر الأحمر، فاستولى على جزيرة سُقطرة -مفتاح التحكم في البحر الأحمر- وبنى بها حصنا وحولها إلى قاعدة برتغالية. وفرض السيطرة البرتغالية على هرمز مفتاح الخليج العربي، وأغرق السفن الموجودة هناك. وفي سنة 1509 أصبح البوكيرك حاكما عاما للبرتغال على الهند، وقام بأعمال شنيعة لفرض سيادة البرتغال على البحار الشرقية.

وقد انهزم البرتغاليون أمام مدينة كاليكوتْ هزيمة شنعاء وقتل فيها الماريشال فرناندو كوتينو وجرح البوكرك، مما أوقف التوسع الأوربي في الهند لمدة طويلة.

وفي سنة 1510 احتل البوكرك غوا(ولاية هندية حاليا) على الشاطئ الغربي للهند وحَوَّلها إلى قاعدة برتغالية، ثم احتل مرفأ باسين بالقرب من بومباي وجعل فيها مصنعا للسفن. وأقام البرتغاليون حصونا صغيرة وقواعد تجارية ثانوية في كثير من السواحل الهندية

وفي سنة 1511 احتل البوكيرك مالقا في شبه جزيرة الملايو، وهو المكان الاستراتيجي في المحيط الهندي. وفي العام نفسه احتل البرتغاليون جزر الملوك(جزر التوايل)، كما أقاموا قواعد تجارية في مكاو بالصين(1557) وفي نغازاكي باليابان(1572). وفي سنة 1518 بَنَوْا حصنا في كولومبو(سيلان-سيريلنكا-) وسيطروا على الجزيرة.

استعمار القارة الأسيوية

كان البرتغاليون أول من وصل إلى القارة الأسيوية –كما ذكرنا- خلال الكشوف الجغرافية، منها:

1-وصول فاسكو دي قاما إلى كالكوتا بالهند سنة 1498م.

2-وصول فرديناند ماجلان البرتغالي إلى الفلبين –مبعوثا من قبل الأسبان، والذي دار حول الأرض- إلى الفلبين سنة 1521(اجتاز جنوب أمريكا سنة 1520.)

3-وصول الهولنديين إلى جنوب شرقي القارة في الجزر الاندونيسية في أوائل القرن السابع عشر في إطار شركة الهند الشرقية الهولندية التي تأسست سنة 1602. فقد وصل جان بيترزون كوين Jan Pieterszoon Coen  إلى جزيرة جاوَا في أوائل ذلك القرن، وأسس هناك مدينة باتافيا (جاكرتا حاليا)، لتكون نقطة نفوذ هولندية، وتبعهم الفرنسيون والإنكليز بعد ذلك.

     وقد مثلت القارة الأسيوية للأوربيين:

1- سوقا للمنتجات الصناعية: بازدحامها بالسكان.

2- ميدانا بكرا لاستغلال رؤوس الأموال: لاتساع مساحتها.

3- موردا هاما يمدهم بالمواد الأولية الرخيصة: لغناها بالموارد الطبيعية.


وقد شاركت قارة آسيا جارتها إفريقيا المصير نفسه وهو الاستعمار. وكانت سيام أو تايلاند(أرض الأحرار) هي الدولة الوحيدة التي لم تستعمر، وبقيت محايدة منذ سنة 1896، واعتبرت حاجزا لحفظ التوازن بين المستعمرات الأوربية.

وإذا كان الصراع قد انتهى في إفريقيا إلى التفاهم، فإن الصراع قد انتقل إلى القارة الأسيوية؛ حيث أصبحت القارة في القرن التاسع عشر مسرحا للصراع الاستعماري وبخاصة في الهند الصينية وجزر المحيط. وكانت فرنسا وبريطانيا من صنف الدول المتنافسة. لقد تمت السيطرة على قارة آسيا مثلما تم في إفريقيا، وتحطم مجتمع الناس الأصليين، واستعان المستعمرون برجال أسيويين فضلوا مصالحهم على حساب شعوبهم وبلدانهم، وهم من طبقات فاسدة. وأصبح المواطن البسيط يئن تحت وطأة الاستغلال بعد أن صودرت أملاكه وأخضع للعمل الإجباري وتُرك في أوضاع متدنية، وفقد ثقافته وأبعد عن كل مشاركة في المجتمع الجديد الذي كان يراه يولد.

 الصراع حول الهند

لم تكن للدول الأوربية المتنافسة على استعمار الهند حتى عام 1750 سوى بعض المحطات والوكالات التجارية المشروعة. أما في النصف الثاني من القرن الثامن عشر فقد نجح البريطانيون بواسطة الشركة في الاستيلاء على ثلث الهند. وكان لتأسيس المراكز التجارية الأوربية على السواحل الهندية أثر لظهور طبقة قوية من الرأسماليين ارتبطت مصالحهم بالتجار الأجانب، مما أدى إلى ثرائهم ثراء فاحشا، وانتقلت إليهم القوة الفاعلة في البلاد. (أنظر الصراع الإنكليزي- الفرنسي: 1740-1763)

الحركات التحررية في آسيا

بدأت الموجة التحررية في آسيا قبل إفريقيا، أي أن البلدان الأسيوية سبقت بلدان إفريقيا في حصولها على الاستقلال، حيث أدى الوضع الجديد إلى التحرر من الاستعمار عبر مرحلتين كبيرتين متتاليتين، تتعلق كل منهما بقارة:

-فأما البلدان الأسيوية فتحررت بين عامي 1945 و1954.

-وحصلت البلدان الإفريقية على استقلالها ما بين سنتي 1956 و1963. (المستعمرات

البرتغالية سنة 1975- ناميبيا 1990.)


أما العوامل التي ساعدت الأسيويين على تحقيق أهدافهم في الحرية فهي:

1--تأثر الأسيويين بانبعاث القومية بفضل زعامة صن يات صن للصين في مطلع القرن العشرين.

2- عدم استيطان الأوربيين في آسيا واعتمادهم على الاستغلال الاقتصادي.

3- قرب القارة من الكتلة الشيوعية التي ساعدت الحركات التحررية لمواجهة الغرب.

4 بُعد القارة الأسيوية عن قاعدة الاستعمار في أوربا.

ولا يمكن الحديث عن آسيا دون ذكر دور اليابان في الحرب العالمية الثانية واكتساحها للمنطقة وتحطيمها لأسطورة الرجل الأبيض الذي لا يقهر بهزيمتها للأوربيين هناك. كما كان لشعار آسيا للأسيويين الذي رفعه اليابانيون، أثناء الاكتساح دور كبير في إيقاظ الوعي الوطني للشعوب الأسيوية.

وهكذا استقلت الفلبين سنة 1946 وخرجت منها الولايات المتحدة الأمريكية (التي كانت قد أخذتها عن إسبانيا قوة سنة 1898) مع قيود خطيرة(بقاء قواعد عسكرية). وفي سنة 1947 استقلت الهند وباكستان وبورما. وخرجت هولندا من أندونيسيا سنة 1949. أما منطقة الهند الصينية فقد ظهرت فيها حركة تحررية مسلحة انتهت بمعركة ديان بيان فو سنة 1954، كما استقلت لاوس والكامبودج، ثم استقلت ماليزيا في أوت 1963.



[1] (إفريقيا: 30 مليون كم2- أمريكا الشمالية: 24 مليون كم2- أمريكا الجنوبية: 17 مليون كم2- أوربا: 10 مليون كم2- أستراليا والأوقيانوسية: 8,5 كم2.)