القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المواضيع

الاستعمار وحركات التحرر في إفريقيا وآسيا : الاستعمار وحركة التحرر في الهند

 


الاستعمار وحركات التحرر في إفريقيا وآسيا 

 الاستعمار وحركة التحرر في الهند

Colonialism and liberation movements 

in Africa and Asia

 Colonialism and the liberation movement in India


     تعتبر الهند من أهم المستعمرات البريطانية في آسيا، وهي تقع في جنوبي القارة الأسيوية، تحدها باكستان وبحر عُمان من الغرب والصين وبوتان ونيبال من الشمال وبرمانيا وخليج البنغال وبنغلاديش من الشرق والمحيط الهندي من الجنوب.

     تنقسم من حيث التضاريس من الشمال إلى الجنوب إلى ثلاث مظاهر: -جبال الهملايا.  -السهول الطينية. -هضبة الدَّكَنْ التي تحيطها جبال الغاتْ الغربية والغات الشرقية على الساحل. وتقطع أراضي الهند مجموعة من الأنهار هي: الهندوس: 2.897 كم. -الكانج: 2510 كم. -براهما بوترا:2897 كم.

المناخ موسمي ممطر من جوان إلى أكتوبر وجاف من مارس إلى جوان.

     تبلغ مساحتها 3.287.590 كم2 ( 3 287 263 km²)(السابعة عالميا)، تتميز بثرواتها المتعددة وضخامة سكانها الذين بلغ عددهم سنة 2016: 1.285.300.000 نسمة منهم 255 مليون مسلم، وهي بذلك تحتل المرتبة الثانية عالميا بعد الصين الشعبية(1.375.170.000 نسمة في السنة نفسها). يمثل سكان الهند سُدُسُ سكان العالم. تتعدد الأجناس(1600 مجموعة)، كما تتعدد اللغات والأديان والعادات والتقاليد. يشتغل 70 % من السكان في الزراعة.

     اللغات: أربع مجموعات كبرى هي: الدرافيدية في الدكن- الهندو أوربية في الهند والبنغال- الأسترو أسيوية في الموندو- الصينو تيبيتية عند نافا ولوشاي وميزو. اللغات الرسمية 23 لغة، والمستعملة رسميا هي الهندية والإنكليزية.

الأديان هي: الهندوس 82% من السكان- المسلمون + 12,2 %- المسيحيون 2,3%- السيخية 1,9 %- البوذية 0,8 %...

أهم المدن هي: مومباي- دلهي - كلكتا - مدراس- حيدر أباد- أحمد أباد.

أهم المنتجات: الأرز- القمح- الشعير- الذرى- الصويا- السورغو- الموز- القطن- الشاي- قصب السكر- الفول السوداني- التوابل بكل أنواعها.

المعادن: الفحم الحجري- الحديد- البوكسيت- الرصاص- الكروم- المنغنيز- الميكا- النحاس- الزنك- الذهب- الفضة- البترول- الغاز الطبيعي...


تاريخ الاستعمار في الهند

     تدهورت إمبراطورية المغول في الهند أواخر القرن السادس عشر بسبب ضعف حكام الولايات وتصارعهم على السلطة؛ فوجد الفرنسيون والبريطانيون الفرصة سانحة عند سقوطها سنة 1707م، ودخلوا في صراع بينهم، انتهى برسوخ أقدام البريطانيين في الهند بعد معاهدة باريس سنة 1763.

     وأخذت شركة الهند الشرقية البريطانية تبسط نفوذها في الهند وفي شرقي آسيا بحجة التجارة. وأنشأت من أجل ذلك مراكز تجارية في مدراس ومومباي وكلكوتا، واستعملت من أجل التوغل إلى الداخل العنف تارة والرشوة تارة أخرى. وعمل عمالها بهدف الربح على حساب الهنود، فانتشر الفساد والنهب، وتدخلت الحكومة البريطانية في القرن 18 لإضعاف نفوذ الشركة، وتدخلت في تعيين كبار موظفيها، ثم أخضعتها نهائيا تحت سلطتها.

     ونتيجة الظلم والفساد واحتقار عادات وتقاليد الهنود من قبل البريطانيين ثار الهنود في الفترة بين 1857 و1858 بشن حرب سميت حرب السباهية، والتي انتشرت بسرعة واكتسبت طابعا شعبيا، ولم يسيطر عليها البريطانيون إلا بعد استعمال أقسى أنواع العنف والشدة. وفي سنة 1866 حلت المجاعة بالهند أودت بحياة مليون ونصف المليون من السكان.

     ومنذ عام 1877 أصبحت الإمبراطورية الهندية تابعة للتاج البريطاني، وصارت ملكة بريطانيا تلقب نفسها باسم "ملكة بريطانيا وإمبراطورية الهند".

حركة التحرر الهندية

     بدأت النهضة في الهند مع نهاية القرن التاسع عشر على يد عناصر وطنية مستنيرة من المثقفين الهنود. وهكذا ظهر حزب المؤتمر الوطني الهندي سنة 1885 الذي عمل على إيقاظ الأمة الهندية والدعوة إلى توحيد البلاد.[1] وقد بقي الحزب نخبويا حتى سنة 1900 حين توالى على رئاسته ثلاث شخصيات بريطانية. وبعدها حُول الحزب إلى حزب استقلالي بوصول شخصيات هندية براهماتية مثل كريشنه وبال قندهار تيلاك والشاعر رابيندْ رَناث طاغور.

     وتضاعف النضال بالمظاهرات والاضطرابات واجهتها بريطانيا بالقوة. وفي سنة 1909 أعطيت الهند شبه استقلال ذاتي، لكن الحزب رفض الحلول الجزئية. أما المسلمون فكانوا قد أسسوا حزبا سموه "الرابطة الإسلامية الهندية" سنة 1906، خوفا على مستقبلهم في مواجهة بقية الهنود وبالأخص طائفة الهندوس الكبيرة، وانضم مسلمون آخرون إلى حزب المؤتمر.

الهند بعد الحرب العالمية الأولى

     تحالف الهنود من هندوس ومسلمين مع بريطانيا للدخول في الحرب العالمية الأولى بشرط الحصول على الاستقلال الذاتي للهنود، وقد شارك 1,2 مليون هندي قتل منهم مائة ألف شخص. كان غاندي قد عاد من جنوبي إفريقيا سنة 1914 الذي نادى بالمقاومة السلبية تحت شعار: لا خوف، لا عنف. وفي سنة 1919 نظمت مظاهرات تحولت إلى مجزرة ضد المتظاهرين على يد قوات البريطانية وكانت مذبحة أمريتسار في 13 أبريل 1919.(في إقليم البنجاب).[2]

 

     وفي سنة 1931 أطلق سراح بعض المعتقلين السياسيين كغاندي ونهرو. وفي سنة 1935 أعطى البرلمان البريطاني قانونا أكثر استقلالية داخليا بحكومة هندية وجمعية منتخبة. رغم مطالبة حزب المؤتمر بالاستقلال التام إلا أنه شارك في انتخاب الجمعيات الإقليمية سنة 1937. وفي هذه الفترة طالبت الرابطة الإسلامية بإنشاء دولة إسلامية مستقلة إلا أن الهنود عارضوا هذه الفكرة بقوة.

الهند أثناء الحرب العالمية الثانية

     قاد غاندي حملة المشاركة في الحرب مقابل الاستقلال التام. وقد أدى الرفض البريطاني إلى قيام الحزب بحملة العصيان المدني سنتي 1940 و1941. وقام حزب الرابطة هو أيضا بالحملة نفسها.

     وفي شهر مارس سنة 1942 وصل الوزير البريطاني إلى الهند ووعد الهنود بالاستقلال التام بعد الحرب. واقترح عليهم إنشاء حكومة انتقالية هندية. وقد رفض حزب المؤتمر والرابطة هذا العرض. وفي شهر أوت سنة 1942 طالب غاندي بالتنازل عن الهند وبدأ العصيان المدني الذي واجهته بريطانيا بالقمع الشديد، وتم توقيف غاندي ونهرو وأنصارهما واتهم الحزب بالخروج عن القانون.

     وفي شهر أكتوبر سنة 1943 حل اللورد أرشيبالد وافيل نائبا للملك في الهند محل اللورد لينليثغاوْ. وحاول استئناف المفاوضات مع قادة حزب المؤتمر الذين أطلق سراحهم سنة 1944، إلا أنه وجد خلافات عميقة بين هذا الحزب وحزب الرابطة الإسلامية حول تقرير مستقبل الهند: ما بين الوحدة والتقسيم.

     كان شعار محمد علي جناح قسموا واذهبوا بينما كان شعار غاندي أتركوا الهند. وكان اتفاقهم الوحيد هو التخلص من الاستعمار البريطاني.

الهند بعد الاستقلال

     دعا وافيل جميع الأحزاب الهندية إلى الاجتماع في سيملا في 25 جوان 1945 لتشكيل حكومة تمثل المجتمع الهندي، وقد فشل المؤتمر لاختلاف حزب الرابطة الإسلامية وحزب المؤتمر حول القواعد التي يتم على أساسها اختيار الوزراء(حزب المؤتمر ذكر أنه يضم بين صفوفه مسلمين بينما ادعى جناح أنه يمثل كل المسلمين.)

     وفي بريطانيا عاد حزب العمال إلى السلطة في نهاية شهر جوي 1945، وكان من أنصار استقلال الهند. وفي شهر ديسمبر من سنة 1945 جرت انتخابات المجلس التشريعي المركزي فحصل فيها حزب المؤتمر في الدوائر الانتخابية الهندوسية على 91.5% من الأصوات و57 مقعدا. وحصل حزب الرابطة الإسلامية على 86.8% من الأصوات في الدوائر الانتخابية المسلمة و30 مقعدا.

     ومن أجل حل شامل للمسألة الهندية أرسلت الحكومة البريطانية لجنة وزارية ثلاثية برئاسة اللورد بثيك-لورنس إلى الهند في مارس 1946، وقد وجدت اللجنة موقفين متعارضين(متناقضين)، لا يمكن التوفيق بينهما(حزب المؤتمر يؤيد قيام حكومة انتقالية تمثل جميع الأحزاب الرئيسية تنقل إليها بريطانيا السلطة بعد التصويت على الدستور(المقاطعات ثم الدستور الاتحادي). في هذه الفترة وقعت أعمال عنف بين المسلمين والهندوس راح ضحيتها قتلى وجرحى ومفقودين من الجانبين.

     وأمام تأزم الوضع أعلن الوزير الأول البريطاني كليمون أتلي في 20 فيفري 1947 أن حكومته ستتخلى عن سلطتها على الهند في 30 جوان 1947.

     وازداد التأزم بين الهندوس والمسلمين، وتضاعفت أخطار الحرب الأهلية بين الطرفين. ولذلك سارع اللورد مونتباتن المكلف بتسيير المرحلة الانتقالية منذ مارس 1947(خلف اللورد وافيل) بالاتصال بزعماء الهند وأعلن عن استقلال الهند في 15 أوت 1947، وقسمت الهند إلى دولتين: الهند والباكستان، وتم تشكيل حكومتين انتقاليتين في كل منهما، غاندي على رأس حكومة الهند الهندوسية ومحمد علي جناح على رأس باكستان الإسلامية. وحدثت هجرات بشرية بين الدولتين على أساس ديني مما خلق أوضاعا مأساوية للدولتين الحديثتين.

      وتشهد العلاقة بين الدولتين تأزما دائما، وبخاصة بسبب بقاء منطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة تحت حكم الهند. وفي 30 جانفي 1948 تم اغتيال المهاتما غاندي(1869-1948) من قبل أحد الهندوس المتطرفين –ناتورام قودسي- خلال جلسة صلاة.[3]

     لعبت الهند دورا رياديا بعد استقلالها داخل مجموعة الدول المستقلة حديثا، بكثافة سكانها ومواردها الطبيعية الغنية ورصيدها النضالي الذي مثله غاندي ونهرو، كانت الهند أحد زعماء الدول الأفرو-أسيوية.

     كانت تريد الحياد ومناوأة الاستعمار الغربي، وطالبت بتحرير الشعوب المستعمرة. وتمكنت من استعادة المستعمرات الفرنسية سنة 1954(بودي شيري- شندر ناقور- كريكال- إيناون- ماهي.)

     تمت لقاءات بين زعماء الهند ومصر ويوغوسلافيا(تهرو- عبد الناصر- تيتو) بين سنتي 1955-1956. كانت الهند ضمن مجموعة الدول الخمس المجتمعة في كولومبو ثم في بوغور الداعية إلى عقد لقاء بين الدول الإفريقية والأسيوية المستقلة آنذاك للاجتماع بباندونغ بأندونيسيا، والذي تم في أبريل من سنة 1955.



[1] كان من وراء تأسيسه بعض الإنكليز: د. هيوم والسير وليم للتوفيق بين المصالح الهندية والسياسة الإنكليزية، ولضمان الولاء الهندي الدائم للتاج البريطاني –حتى ح.ع.1.

[2] le massacre d'Amritsar ou massacre du Jalianwalla Bagh, du 3 avril 1919, qui fit 379 morts et 1200 blessés.

[3] دافع عن الهنود في جنوب إفريقيا ضد التمييز العنصري وبعد 20 سن عاد إلى الهند سنة 1914 ودخل الميدان السياسي بعد مجزرة أمريتسار سنة 1919 تحت شعار: لا عنف- لاخوف. خلفه نهرو 1889-1964).