القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المواضيع

الاستعمار وحركات التحرر في إفريقيا وآسيا : الاستعمار وحركة التحرر في السنغال


 

الاستعمار وحركات التحرر في إفريقيا وآسيا 

 الاستعمار وحركة التحرر في السنغال

Colonialism and liberation movements

 in Africa and Asia

 Colonialism and the liberation movement in Senegal

تقع جمهورية السنغال في غرب إفريقيا يحدها المحيط الأطلنطي من الغرب بساحل طوله 530 كم، ومن الشمال موريتانيا ومن الشرق مالي ومن الجنوب غينيا وغينيا بيساو. وتتوغل أراضي غامبيا داخل أراضيها من الجنوب الغربي. مساحتها 196.722 كيلومتر مربع عاصمتها دكار.[1]

تغطي أراضيها سهول واسعة لا ترتفع عن سطح البحر سوى بعشرات الأمتار يمثل نهر السنغال الحد الطبيعي الفاصل بينها وبين موريتانيا شمالا. وقد أخذت البلاد اسمها منه، وهو ينبع من فوتاغالون بغينيا.

مناخها مداري جاف من شهر نوفمبر إلى شهر جوان وفصل رطب من شهر جوي إلى شهر أكتوبر.

بلغ عدد السكان سنة 2020: 16.74 مليون نسمة. يتركز معظمهم على الساحل وفي المناطق الوسطى.[2] تبلغ نسبة المسلمين 94 في المائة من السكان وهم سنيون. و5 في المائة مسيحيين. تنتشر بينهم الطرق الصوفية كالتجانية والمريدية.

تتمثل الموارد الطبيعية في الزراعة والمعادن والحيوان والصيد البحري.

ظروف الاستعمار

كان البرتغاليون أول من وصل إلى سواحل السنغال سنة 1444 ونزلوا بالرأس الأخضر(دكار). وبعد سنة 1600 جاء الهولنديون والفرنسيون ليطردوا البرتغاليين. وفي سنة 1700 سيطر الفرنسيون على تجارة المنطقة الساحلية، وتوجهوا نحو الداخل عبر نهر السنغال ليصلوا إلى النيجر واصطدموا بالمقاومة الشعبية(الحاج عمر).

وفي سنة 1895 أصبحت السنغال رسميا مستعمرة فرنسية. وفي سنة 1905 كوَّن الفرنسيون اتحادا من مستعمراتهم في غرب القارة وسموه: "إفريقيا الغربية الفرنسية" –Afrique Occidentale Françaises- ويضم البلدان التالية: السنغال- السودان- موريتانيا- غينيا- كوتديفوار- النيجر- الداهومي- بوركينافاسو(انفصلت هذه الأخيرة سنة 1919.)

شكلت فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى فرقا عسكرية سمتها: "حَمَلة البنادق السنغالية" وهي مكونة من السنغاليين والماليين ودخلت بهم الحرب.(20 ضحية إفريقية).

أدخل الفرنسيون إصلاحات لمشاركة الأفارقة في الحكم بفتح البرلمان الفرنسي(الجمعية الوطنية الفرنسية) أمامهم، وإحداث جمعية إقليمية في السنغال. وقد سيطر على الحياة السياسية المحلية كل من لمين غيي(Lamine Guèye) وليوبولد سنغور منذ الحرب العالمية الثانية.

وقد قادا النضال على مستويين:

-المجالس البرلمانية الفرنسية بواسطة النواب.

-بين الجماهير الإفريقية المنظمة.

وقد انتسب النواب الأفارقة في هذه المرحلة(بعد سنة 1945) إلى الأحزاب الفرنسية(الاشتراكي- الشيوعي- الحركة الجمهورية الشعبية) والذين كانوا يؤيدون اختفاء النظام الاستعماري.

الحركة الوطنية في السنغال

لقد أدت المدارس التبشيرية إلى انتشار التعليم بين بعض الأوساط الإفريقية مما أدى إلى ظهور شخصيات مثقفة وواعية. وقد واجه الوطنيون عملية منع تكوين الأحزاب السياسية والنقابية من قبل الفرنسيين بالالتجاء إلى العمل السري لخلق تيارات سياسية.

وبدأت تظهر طبقة عاملة واعية في المراكز الحضرية عملت على النضال لنيل حقوقها الاجتماعية. وقد تعرضت الفئات الواعية إلى الاضطهاد والمتابعة، وكان الاستعماريون يثيرون النعرات القومية لخلق جو من التوتر والاضطراب.

وأثناء الحرب العالمية الثانية أصبحت إفريقيا الغربية كلها تحت سلطة حكومة فيشي منذ سنة 1945، وكان الحاكم العام بيير بْوَاسُونْ موال للألمان، وقد سمح لأعوانهم بدخول البلاد بينما تابع –بكل قسوة- كل من يُظهِر تعاطفا مع الديغوليين.

وعندما نزل الحلفاء سنة 1942 بشمالي إفريقيا وقع بواسون اتفاقا معهم للانضمام غليهم ودخول الحرب ضد ألمانيا.

وقدم الأفارقة تضحيات جسام ماديا وبشريا، إلا أن أحوالهم لم تتغير بعد نهاية الحرب، بل استمرت أعمال السخرة ونهب الثروات.

وعندما انعقد مؤتمر حكام المستعمرات الفرنسية في برازافيل في فيفري 1944:

-رفضت فرنسا فيه مطالب الأفارقة في الحكم الذاتي.

-عارضت منحهم حق المواطنة الفرنسية.

-مُنعوا من استخدام اللغات المحلية.

وتطور الوعي الوطني لدى الأفارقة بعد الحرب العالمية الثانية في أوساط المثقفين والجنود المسرحين.

كان ممثلو الدوائر البرجوازية هم قادة الأحزاب السياسية الذين عملوا على نشر الوعي من أجل النضال ضد الامبريالية لكنهم تهادنوا مع الاستعمار أحيانا كثيرة.

وفي أكتوبر من سنة 1946 عُقد في باماكو مؤتمر الممثلين الأفارقة الذين أدانوا التفرقة العنصرية وطالبوا بقيام علاقات متساوية. وتكون على إثر ذلك الاتحاد الإفريقي الديمقراطي(RDA)، وانتخب فيليكس هفوت بوانيه(مالك مزرعة كبيرة من كوت ديفوار) على رأس الاتحاد، وتفرع الاتحاد إلى أقسام تحت رئاسة لجنة تنسيق.

ومن الشخصيات الهامة نجد موديبوكيتا- جبريل مالي داربوسيه- جيبو باكري- ج. ليزيت من تشاد- ل. سا من الغابون- أحمد سكوتوري من غينيا. ومن مطالب المؤتمر:

-التحرير السياسي والاقتصادي والاجتماعي لإفريقيا الغربية داخل الاتحاد الفرنسي.

-تدعيم وتطوير العلاقات مع القوى الديمقراطية في فرنسا وفي العالم.

وقد بذلت الإدارة الاستعمارية كل ما في وسعها لهدم الحزب ببعثها لمنظمات منافسة له وباضطهاد مناضليه.

وفي سنة 1947 قاد الاتحاد المستقل لعمال السكة الحديدية إضرابا ضخما لعدة شهور أجبر السلطات الاستعمارية على تلبية مطالب المضربين. وفي سنة 1948 تكونت كتلة الديمقراطيين السنغاليين(التجمع الديمقراطي السنغالي) كان من بينهم سنغور الذي كان يناصر البقاء في الرابطة الفرنسية عكس بقية الوطنيين.

غادر الكتلة ليؤسس الوحدة التقدمية السنغالية(UPS) رفقة ممادو ديا، وكان عضوا في البرلمان الفرنسي إلى جانب لمين غيي. كما عمل سنغور كاتب دولة بين سنتي 1955 و1956 ثم وزيرا مستشارا للحكومة الفرنسية. وسنغور هو إلى جانب عمله السياسي كان محاميا وأديبا وشاعرا.

مسيرة السنغال نحو الاستقلال

هناك عوامل عديدة كانت وراء اتجاه المستعمر نحو منح البلدان المستعمرة استقلالها وحريتها المهضومة. منها:

-عقد الخمسينيات وما شهدت من حركات تحررية هنا وهناك.

-انعقاد مؤتمر باندونغ سنة 1955 وما نتج عنه من قرارات.

-استقلال معظم البلدان الأسيوية.

-هزيمة فرنسا في ديان بيان فو بالهند الصينية.

-محاولات الغربيين الاستعماريين إتباع سياسة الإصلاح لتهدئة الأوضاع في مستعمراتهم.

-تولي الجنرال ديغول حكم فرنسا سنة 1958 وعمله على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ماء الوجه بعد هزيمة الهند الصينية والتخوف من هزيمة أخرى في الجزائر.

وقد طرح الجنرال ديغول دستور 1958 للفرنسيين ولسكان المستعمرات ومنها السنغال، والاختيار بين البقاء في الرابطة الفرنسية أو التخلي عنها بطلب الاستقلال. وقد جاءت النتيجة لصالح البقاء في الرابطة في أغلب المستعمرات باستثناء غينيا.

كانت النتيجة تصويت 98 في المائة من المستفتين صوتوا مع ديغول. أما في غينيا فقد صوت المستفتون بـ 95 في المائة للاستقلال فكان لكل ما أراد. وتعتبر هذه النتيجة نوع من الاستعمار الخفي، إذ فيه خضوع تام لرئيس الرابطة وهو الجنرال ديغول.

وقد تواصلت المطالبة بالتحرر التام في مختلف البلاد المستعمَرة، كما أن الثورة الجزائرية التي كان الجنرال ديغول يرغب في القضاء عليها حتى لا تكون نموذجا لغيرها من المستعمرات، واصلت انتصاراتها داخليا وخارجيا. فما كان من هذا الجنرال سوى الخضوع للإرادة الشعبية ومنح الاستقلال التام للمستعمرات الإفريقية ومنها السنغال وهكذا منح الاستقلال التام لحوالي 14 دولة سنة 1960.

وهكذا تكون اتحاد مالي المستقل المكون من السنغال ومالي يوم 20 جوان من السنة المذكورة. وفي الـ 20 من شهر أوت 1960 انسحبت السنغال من الاتحاد وتكونت جمهورية السنغال بقيادة ليوبولد سيدار سنغور، الذي حكم البلاد بنظام رئاسي في إطار دستور جديد ابتدأ العمل به سنة 1963 حتى سنة 1980 حين استقال مضطرا.[3]

 



[1] من أهم المدن نجد: تياس- كاولاك- سان لوي في الغرب- تامبيا كوندا.

[2] من أعراقهم: الولوف- الفولانيون(التكرور...) والحراطين

[3] ولد سنغور في 9/10 / 1906 وتوفي في 20/12/2001.