القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المواضيع

الاستعمار وحركات التحرر في إفريقيا وآسيا : حركات التحرر الوطني في إفريقيا



الاستعمار وحركات التحرر في إفريقيا وآسيا 

 حركات التحرر الوطني في إفريقيا

Colonialism and liberation movements 

in Africa and Asia

 National liberation movements in Africa


   تطلق حركات التحرر الوطنية على تلك الحركات الجماهيرية التي نظمتها النخبة من المثقفين الأفارقة المشبعين بأفكار التقدم والديمقراطية، وهم من خريجي المدارس والمعاهد العليا والجامعات الغربية.  نظمتها في أحزاب سياسية ومنظمات مهنية وشبابية بهدف توعية الجماهير سياسيا وقوميا، وقادتها للحصول على الحكم الذاتي أو استعادة حرية بلدانها وسيادتها الوطنية.

     وقد شهدت مختلف المستعمرات الإفريقية تحولات في فترة ما بين الحربين العالميتين في شتى مجالات الحياة. هيأت هذه الظروف الملائمة لنشوء حركات التحرير الوطني في القارة. في هذا الوقت أخذ الانتماء إلى الأرض والوطن يحل تدريجيا محل الانتماء إلى العشيرة أو القبيلة.

أهم ظروف نشأتها هي:


1-إقامة وحدات اقتصادية رأسمالية متباينة: أدت إلى ظهور فئة ثرية في المجتمع وبروز طبقة اجتماعية جديدة.


أ-فظهرت نواة لطبقة بورجوازية ريفية إفريقية.


ب-وأخرى لطبقة بورجوازية حَضرية تضم كبار أصحاب المتاجر ووسائل النقل وكبار أصحاب الملكيات العقارية وحملة الشهادات من محامين وأطباء ومعلمين وممرضين وموظفين أفارقة في القطاع العام والخاص.


ج-وظهرت نواة ثالثة لطبقة عمالية تتكون من العمال المأجورين في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية.

     ونتيجة للاضطهاد الذي لقيته هذه الفئات نشأ بينها وعي لهذا الاستغلال بأشكاله المختلفة واتفقت فيما بينها للدفاع عن حقوقها لوحدة مصالحها، وتعزز التضامن عبر النضال المشترك ضد قوى الاستغلال والقمع.


2-انتشار التعليم في المدارس والمعاهد الأوربية والدينية أدى هذا التعليم في المستعمرات إلى نشوء فئة النخبة من خريجي هذه المؤسسات من أبناء المستعمرات، وهم الذين عاشوا في عواصم دول مستعمريهم، وتعرفوا على الحضارة الأوربية الغربية ومناقبها ومثالبها، كما تعرفوا على المذاهب السياسية والعَقدية والفلسفية المختلفة ووسائل الحضارة الغربية.

وقد قابل هذا التقدم ميز عنصري تجاه هذه الفئة في العمل والأجر والسكن الحكومي والعطل السنوية؛ مما أدى إلى وعيها لحدود النظام الاستعماري وتناقضاته، وعدم تطابق الشعارات والوعود البراقة مع أفعالها وممارساتها التعسفية. استاءت هذه الفئة من النظام الاستعماري، فقامت تعمل لتعبئة الجماهير الإفريقية وتوعيتها وتنظيم حركاتها التحررية.


عوامل نشأتها:

تنقسم هذا العوامل إلى قسمين: عوامل داخلية وأخرى خارجية.


العوامل الداخلية:

1-الاستياء العام: أدى استغلال مختلف الفئات الإفريقية من قبل السياسة الإدارية الاستعمارية المحلية وتعاونها مع الشركات التجارية الأوربية إلى إثارة استياء هذه الفئات داخل كل مستعمرة.

2-تهميش البرجوازية التجارية الصغيرة: تعاونت الإدارة والشركات الأوربية للقضاء على التجار الأفارقة وتهميشهم.(عدم إدماجهم في النظام التجاري الجديد- سياسة ضريبية انتقائية- الصرامة في جباية الضرائب- إجراءات المصادرة- تخفيضات ضريبية للتجار الأوربيين - تسهيلات في دفعها ومساعدتهم على حماية الأسعار- خفض أسعار المواد الأولية المصدرة ورفع أسعار السلع المصنعة المستوردة.)

3-إفقار الشرائح الفلاحية: كانت زيادة ضريبة الرأس تزداد باستمرار حتى في أوقات الأزمات الاقتصادية، مما أثقل كاهل الشرائح الفلاحية المختلفة، وكانت أحد أسباب فقرها.

4-انخفاض القدرة الشرائية لعالم العمل: رغم قلة الفئة العاملة الإفريقية، فقد تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929 في إفريقيا الغربية، وتقلصت فرص العمل وبرزت ظاهرة البطالة، وتدهورت الأجور في وجه من وَجَد شغلا في المنشآت الخاصة، مع غلاء أسعار المواد الغذائية، مما زاد من بؤس اليد العاملة الإفريقية غير المتخصصة وأسهم في تفاقم الاستياء.


العوامل الخارجية:

أسهمت العوامل الخارجية في اليقظة السياسية للنخب الإفريقية على الشكل التالي:

1-آثار الحرب العالمية الأولى والثانية: كانت مشاركة السكان الأفارقة في الحربين عاملا مؤثرا على وعيهم وزيادة الثقة في أنفسهم، بعد أن شاهدوا بأعينهم انهيار دول كانوا يرونها لا تقهر، ورأوا أن بإمكانهم الدفاع عن شعوبهم مثلهم في ذلك مثل بقية شعوب العالم.

2-حق الشعوب في تقرير مصيرها: روجت الولايات المتحدة الأمريكية أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى لهذا المبدأ على يد رئيسها ولسن صاحب المبادئ الأربعة عشر، وهذا ما فعلته بقية الدول الأوربية خلال الحرب عن طريق دعايتها.

3-انتصار الشيوعية في الاتحاد السوفيتي سنة 1917 والصين سنة 1949: كان هذا حدثا هاما في التاريخ العالمي، وكان له أثر على مستوى تكون الأفكار والاتجاهات المناهضة للغرب الاستعماري. وقد ظهرت على إثر ذلك مجموعة الدول الضعيفة المتضامنة فيما بينها باسم جديد هو العالم الثالث.

     لقد سعى الزعماء الأفارقة إلى الوقوف عند الآراء الماركسية ودراستها للاستعانة بها على مواجهة الجبهة الاستعمارية التي اتسمت بالترفع والتجاهل للأفارقة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. وكان البحث وتلمس السبل لفرض نظرتهم للاعتراف بهم كبشر وآدميين لهم نفس الحقوق والواجبات مثلما هي لغيرهم.

4-ظهور هيئات دولية: تمثلت في عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى ومنظمة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. وبروز ميثاق حقوق الإنسان. كل هذا ساهم في تحرير الشعوب المقهورة، إلى جانب هيئات جهوية كحركة عدم الانحياز 1961 ومنظمة الوحدة الإفريقية 1963، لدعم الشعوب المناضلة من أجل التحرر والإعتاق.


مراحل تطور حركات التحرر الوطني


هناك مرحلتان:

1-مرحلة الإعداد والتهيؤ: ففي الأرياف كان الرفض الشعبي متواصلا للنظام الاستعماري وممارساته، أما في المدن فتأسست جمعيات ورابطات ونواد وأحزاب سياسية وصحافة.

وقد اقتصر النضال في هذه الفترة على النضال من أجل إصلاح النظام الاستعماري وتجاوزاته، باتجاه ديمقراطي يسمح بمشاركة الأفارقة في إدارة شؤون بلادهم وتحديث التعليم وتعميمه والتوسع في نشر المراكز الصحية وإلغاء نظام القمع والإكراه(العمل الإجباري- التجنيد الإجباري.) وامتدت هذه المرحلة حتى سنة 1939 وفي بعضها حتى سنة 1945.


2-قيام حركات التحرر من أجل الاستقلال: تبدأ هذه المرحلة بعد عام 1945 وتنتهي بالاستقلال. وقد ظهر تياران بعد الحرب العالمية الثانية في القارة الإفريقية:


أ-التيار المطالب بالاستقلال الفوري مع الارتباط بالدولة المستعمِرة أو بدونه(كومولث-اتحاد).


ب-التيار المطالب بالاستقلال الذاتي المحلي في إطار دولة فدرالية أو كونفدرالية مع الدولة المستعمرة.


بدأ هذا التيار الأخير في المستعمرات الإنكليزية غرب إفريقيا، وتواجد التياران في البداية في المستعمرات الفرنسية في إفريقيا الغربية والاستوائية، لكن الغلبة كانت للتيار الثاني، وسرعان ما أدرك الداعون إلى الاستقلال الذاتي مدى تمسك الدول الاستعمارية بإدارة الهيمنة.

-وظهر الطابع السياسي في النضال في المستعمرات الإنكليزية بإفريقيا الغربية والمستعمرات الفرنسية في إفريقيا الغربية والاستوائية.

-وظهر التيار المكافح عسكريا في البلدان التي تواجد بها المستوطنون الأوربيون كالمستعمرات الإنكليزية في جنوبي إفريقيا والمستعمرات البرتغالية في جنوب شرق إفريقيا وفي غربها.

-كما واكب النضال السياسي النضال العسكري في الوقت نفسه. وابتداء من سنة 1957 بدأت الدول الإفريقية جنوبي الصحراء الكبرى تحصل على استقلالها.(حتى سنة 1956 كانت هناك دولتان مستقلتان هما: ليبيريا وإثيوبيا.)

وقد سبقت البلدان الأسيوية بلدان إفريقيا في حصولها على الاستقلال، حيث أدى الوضع الجديد إلى التحرر من الاستعمار عبر مرحلتين كبيرتين متتاليتين، تتعلق كل منهما بقارة:

-فأما البلدان الأسيوية فتحررت بين عامي 1945 و1954.   -وحصلت البلدان الإفريقية على استقلالها بالسلم أو بالقوة في الفترة ما بين سنتي 1956 و1963.(المستعمرات البرتغالية 11 نوفمبر سنة 1975- ناميبيا 21 مارس 1990 عاصمتها ويندهوك.)