القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المواضيع

العالم الإسلامي : توقعات و قراءات حول مستقبله

  



 العالم الإسلامي
توقعات و قراءات حول مستقبله


أولا/ - الاتجاه إلى التزام الإسلام نتيجة معاناة المسلمين المعاصرة

تحاول الأمة الإسلامية أن تتجاوز المحن الكثيرة والتحديات التي تعترضها رغم وسائل التدمير والهمجية ، كما تحاول أن تلم جراحها وأن تتعرف على مواطن الضعف في حياتها التي كانت منافذ للعدو ، وثغرات تسلل منها ، وأن تتلمس مواطن القوة لتنطلق مرة بعد مرة ، وخاصة فقد بقي لها الإسلام علما وحضارة وثقافة وانتماء وبقي كتابها وسنة رسولها الأمر الذي يمكنها من الصمود ويعينها على النهوض والمواجهة من جديد .

ولقد شهد القرن الرابع عشر الهجري محاولات ومؤامرات ومكائد لا تحصى عددا ولا تقدر ضخامة وشراسة استهدفت القضاء على الإسلام وتركيع المسلمين ومصادرة ونهب خيرات العالم الإسلامي ومقدراته ، وما القضايا التي سنستعرضها والقضايا الأخرى الكثيرة التي لم نتمكن من استعراضها لضيق الوقت والمجال ( كتطور الأزمة اللبنانية وتفاعلاتها ، والحرب العراقية الإيرانية ([1]) ، والغزو التنصيري لأقطار أفريقيا ، وقضية جنوب السودان وتشاد وغيرها ) إلا حلقات في مسلسل التآمر على الإسلام والعالم الإسلامي قادتها القوى العالمية الثلاث : الصليبية ( الامبريالية الغربية ) والصهيونية العالمية ، والشيوعية ( الإمبريالية الشرقية ) . قال تعالى : ( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) ([2]) . وقال تعالى ( وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ) ([3]) .

ورغم كل ذلك فقد شهد الثلث الأخير من القرن الرابع عشر الهجري صحوة إسلامية مباركة ورجوعا إلى الله بعد أن خاض العالم الإسلامي تجارب كثيرة من الرأسمالية إلى الشيوعية ، ورفع أكثر أقطاره كثيرا من الشعارات : الحرية ، والديقراطية ، والتقدمية ، والإشتراكية ، والقومية ، والوطنية . . . إلخ ، وكلها تجارب باءت بالفشل وشعارات تساقطت الواحدة تلو الأخرى ، ذلك لتصادم هذه الأنظمة والشعارات مع فطرة الإنسان ، فكفر الناس بالفسفة وفلاسفتها وبالآراء ومفكريها ، وأخذ بعضهم يعود إلى الله – وعاد المسلم يلمس بل يؤكد أن هذا الدين مقبل ليأخذ بيد الإنسان الشرقي والغربي على السواء إلى طريق الخير . قال تعالى : ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ) ([4]) . وقد تمثلت هذه الصحوة في ادلعوة لأن يعيش المسلمون إسلامهم في جواهره الثابتة ، وقيمه الخالدة ، وآدابه السامية ، وأن ينطلقوا منه لمعالجة شئون عصرهم . ومن أسباب ذلك :

1- أن الإسلام هو دين الفطرة للإنسان ، القادر دائما على إعادة صياغة من يوهمون بالإنحلال والتمرد على العقيدة والقيم ، إذا توفر المنهاج التربوي الصائب ، ووجدوا علماء الآخرة الذين يفقهون تزكية النفوس ويحكمون صياغة العقول وتوحيد الجهود ، ويعطي التفسير الصحيح للوجود ولمركز الإنسان فيه ولغاية وجوده الإنساني في إعمار الأرض واستخلافه فيها ، ويمسبه الراحة النفسية بادراكه غاية وجوده . قال تعالى ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) ([5]) .

فالآية تجعل الإسلام ليس فقط دين الفطرة ، ولكن الفطرة نفسها التي فطر الناس عليها ، فالإسلام دين الله هو والفطرة الإنسانية السليمة شيء واحد وان مبادئه وأحكامه مطابقة تماما لسنن الفطرة ، وأما ما يعتور ([6]) الناس من عوج فهو أمر طاريء راجع إلى الخروج عن التربية الإسلامية الصحيحة أي إلى عدم تنشئة النشء على أصول الإسلام وأخلاقه وأعماله ([7]) . يقول ابن تيمية ( رحمه الله ) : " ماذا يصنع بي أعدائي ، إن جنتي وبستاني في صدري لا تفارقني – إن قتلي شهادة ، ونفيي سياحة ، وسجني خلوة " ([8]) .

2- انهيار الحضارة الغربية بفرعيها الرأسمالي والشيوعي : فقد انكشف زيف هذه الحضارة لماديتها المفرطة وخوائها الروحي ، فأوقعت حياة الرجل الغربي في الفراغ ([9]) ، وعجزت عن تقديم الحلول المقنعة لهدف الإنسان من الحياة ، عندما جحدت الإله الذي يفزع إليه وقت الشدة ، فأوصلت الإنسان إلى الشقاء والتمزق الداخلي والتوتر العصبي والفزع ، والهروب من الحياة إلى الكحول والمخدرات والشذوذ الجنسي ، والبحث عن الصرخات والموضة ، وأخيرا إلى الإنتحار لوضع حد لهذه الحياة البائسة التعيسة كما فعل جاكوب مارينو ، وارنست همنجواي ونيتشه وغيرهم .

وامتلأت المسرحيات بهذه الآلام والتعاسة ، وأخذ الذين ساروا على نمط الحياة الغربية من المسلمين يواجهون المصير ذاته ، ويعانون التمزق نفسه .

وقد مرت الحضارة الغربية بأطوار ثلاثة هي :

1- طور الهروب من الله بالثورة على الكنيسة والتحرر من سلطان الدين .

2- طور فتح أبواب كل شيء عليها : الإنتاج والإبداع في نواحي الحياة المادية .

3- طور الضمور والإفلال والإستبدال ([10]) : والحضارة الغربية اليوم في هذا الطور الأخير .

يقول جود الإنجليزي:"إن العلوم الطبيعية قد منحتنا القوة الجديرة بالآلهة، ولكننا نستعملها بعقل الأطفال والوحوش"([11])

وهذا ما جعل الصيحات الدينية المتخلفة الشاذة المنحرفة تنطلي على الناس الذي اتصفوا بالخواء الروحي والفراغ العقدي ، كالبهائية في ثوبها الجديد على يد ( صون مون ) البليونير الأمريكي الكوري الأصل ، الذي ادعى أن الوحي ينزل عليه ، وزعم الاتصال بالمسيح منذ حوالي نصف قرن ، ومن ورائه الأصابع الصهيونية الماسونية ، في محاولاتها لتهديم بقايا الأديان وبقاء سيادة المادية . وكمحاولة ( هوبكتز ) المبشر النصراني في التقريب بين الإسلام والنصرانية في لبنان بإقامة : جمعية الصداقة الإسلامية المسيحية ([12]) . ومن العجيب أن صون مون اختار تركيا لإعلان بيانه العجيب وادعائه بالنبوة التي زعم أنه يتلقاها عن المسيح منذ عام 1936 م ([13]) . كما أن الاشتراكية أخذت تتهاوى في الأقطار التي تزعمتها ، فقد تخلت الصين عن كثير من أفكارها ، كما تنازل الاتحاد السوفييتي زعيم الاشتراكية العلمية عن كثير من أفكارها . في عهد غورباتشوف وبين عجز النظرية الماركسية وقصورها ([14]) . ومن الجدير بالذكر أن الحضارة الغربية لن تنهار بالسرعة التي يتخيلها بعض الناس ، ففيها من المرونة وخاصة ما يسمى بالحل الوسط ، والقدرة على المناورة والصبر في المفاوضات حتى بين الشقين المتضادين الرأسمالية والاشتراكية ما يمد في عمرها ، إذا بقي المسلمون في سباتهم .

والواقع أن الإسلام هو المرشح الوحيد لوراثة الإنسان الغربي في قيادة البشرية ، فهو دين الله الذي ارتضاه للناس منهاجا وإماما – قال تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) ([15]) .

وكان الغرب ولا يزال يدرك أهمية الكتاب ( القرآن الكريم ) في تحقيق وحدة المسلمين ، فكان كرومر عميد الاستعمار الإنجليزي في مصر يقول " لا يمكن للاستعمار أن يعيش ويستقر وسط أمة طالما ظل هذا الكتاب فيها " . والكتاب تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه ، ولم يكله لأحد ، قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) .

أما المسلم فيؤمن ويعتقد بأن المستقبل لهذا الدين – الإسلام – للنصوص الثابتة المحكمة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية والتي تبشر بذلك .

قال تعالى ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ([16]) .

وقال صلى الله عليه وسلم : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزا يعز الله دين الإسلام وذلا يذل من كفر " ([17]) .

وهناك أحاديث صحيحة كثيرة تشير إلى أن نهاية اليهود ستكون في فلسطين ، وأن الجيش الذي سيقاتلهم جيش مسلم . قال صلى الله عليه وسلم : " تقاتلون اليهود ، فتسلطون عليهم ، حتى يختبىء أحدهم وراء الحجر ، فيقول الحجر : يا عبد الله : هذا يهودي ورائي فاقتله " ([18]) .

وقال صلى الله عليه وسلم  " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي ، يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله " ([19]) . وفي رواية البزار ورجالها ثقات رجال الصحيح كما جاء في مجمع الزوائد للهيثمي في المجلد السابع : " أنتم شرقي الأردن وهم غربيه " . ويعلق راوي الحديث فيقول : ولم نكن نعرف أين الأردن في الأرض يومذاك([20]) .

وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله زوى لي الأرض ( أي ضم وجمع ) فرأيت مشارقها ومغاربها وان أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها " ([21]) .

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : " بينما نحن عند رسول الله نكتب إذ سئل رسول الله أي المدينتين تفتح أولا ؟ فقال : مدينة هرقل " ([22]) ( يعني القسطنطينية ) . والثاني هي مدينة روما مركز الفاتيكان .

وقد تحقق الفتح الأول وسيتحقق الثاني بإذن الله .

ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو يستعرض التاريخ المقبل للأمة المسلمة من لدن نبوته : " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إن شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا عاضا فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة " ، ثم سكت ([23]) .

هذا كله يؤكد حتمية رجوع الإسلام إلى مركز السيادة وموضع القيادة ويحقق الإنتصارات فيسود ويعم أرجاء الوجود بإذن الله .

ومن كتاب الغرب أنفسهم من رشح الإسلام كمنقذ للبشرية . قال ( ديباسكييه ) الفرنسي :

" إن الغرب لم يعرف الإسلام ، فمنذ ظهور الإسلام اتخذ الغرب موقفا عدائيا منه ، ولم يكف عن الافتراء عليه والتنديد به ، وقد ترتب على هذا التشويه أن رسخت في العقلية الغربية مقولات فظة عن الإسلام ، ولا شك أن الإسلام هو الوحدانية التي يحتاج إليها العالم المعاصر ليتخلص من متاهات الحضارة المادية المعاصرة التي لا بد ان استمرت أن تنتهي بتدمير الإنسان ([24]) . ورأى جارودي أن الحضارة الغربية تقود العالم إلى الإنتحار ([25]) . فأسلم عدد كبير من فلاسفة الغرب وكتابه كرجاء جارودي ( روجيه جارودي الذي أسلم عام 1982 م ) ([26]) ، وعبد الله أليسون الانجليزي رئيسم قسم الهندسة الألكترونية بجامعة لندن ، وأسلم أثناء انعقاد المؤتمر الدولي للإعجاز العلمي والطبي في القرآن الكريم في القاهرة من 11 محرم إلى 13 محرم سنة 1406 هـ ([27]) . ويقول : " إن العالم المادي اليوم في مأزق خطير وما يقولونه أو يرونه لا يفسر الحقيقة تماما ، وأنهم يبحثون عن العودة إلى الدين والبيان الصحيح الشامل ، وهنا العبء على المسلمين ، وهذا هو واجبهم ، وواجب مفكريهم في التقدم إلى البشرية الحائرة التائهة بالحلول الإسلامية السليمة " ([28]) .

ونتيجة لذلك يرزت مع نهاية القرن الرابع الهجري ظواهر صحية تدل على الاتجاه لالتزام الإسلام ومن هذه الظواهر – مظاهر الصحوة – :

- المدارس التي خطط دعاة التغريب ، أخذت تدفع الأفواج إلى الله ، كما بدأت المناهج في بعض الأقطار الإسلامية تأخذ مسارا لا بأس به باتجاه الإسلام ([29])

- الجامعات التي سهر دعاة التغريب على مناهجها وظنوها مراكز التدمير أصبحت تقدم نماذج الشباب الصادق المسلتزم بإيمانه وعقيدته فأصبحت كبلاط فرعون يربى فيه موسى عليه السلام ليهدم بيده عرش فرعون . فانتشرت الدعوة انتشارا واسعا في صفوف المثقفين من الأطباء والمعلمين والمهندسين ، ومن طلاب الجامعات في شتى التخصصات .

- وبقي الأزهر رغم ما خطط له ينير السبيل أمام المسلمين في جميع أنحاء بلاد الإسلام ويغذيهم بشبابه وشيوخه . وتصل عن طريقه الدعوة إلى مختلف أجزاء الأرض .

- وشمخت الجامعات الإسلامية وطاولت غيرها وتفوقت على الجامعات العلمانية وأقبل عليها الشباب المسلم من مختلف بقاع الإسلام ، كما هو في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة أم القرى وفي باكستان وماليزيا وغيرها في أرض الإسلام ، ليتخرجوا دعاة إلى الله .

- وخفت صوت دعاة التغريب وتواروا بأفكارهم بعيدا وكسدت بضاعتهم وكلت أقلامهم . وأصبح نقد هؤلاء ، والدفاع عن الإسلام ليس هدفا بحد ذاته ، وكثر نقد الحضارة الغربية بشقيها ( الاشتراكي والرأسمالي ) بنظرات إسلامية عميقة مستنيرة ، واختفى الشعار الذي كانوا يرفعونه : إن الإسلام هو سبب تخلف الأمة وجمودها وضعفها . وحل محل هذا الشعار : إن البعد عن الإسلام هو سبب تأخر المسلمين . كما ارتفعت الأصوات بأخذ الصورة الحقيقية للإسلام من مصادره الأولى : كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وحياة السلف الصالح الذين طبقوا الإسلام ، وعاشوه .

- وخفت صوت الهجوم على اللغة العربية ( لغة القرآن الكريم ) وتوارى أصحاب الهجوم وأصبحت اللغة العربية منذ الدورة التاسعة والعشرين ( 1974 م ) اللغة السادسة الرسمية للمنظمة الدولية في هيئة الأمم المتحدة .

- وأصبحت وسائل الإعلام منابر للدعوة الإسلامية وعرض عقيدة الإسلام وأفكاره وحلوله للمشاكل ، كما أصبح الكتاب الإسلامي هو أكثر الكتب رواجا في الأسواق وأقبل أصحاب المطابع عليه حتى أصحاب المطابع النصرانية ( طبعا بقصد الربح ) وكسدت كتب الأدب الرخيص والشعر الماجن والمجلات الخليعة . وازدادت العناية بالتراث الإسلامي ونشره في مصر والمملكة العربية السعودية والعراق والهند ( دلهي وحيدر آباد ] والإتحاد السوفييتي ودول الغرب .

- وأصبحت مكة والمدينة قبلة الشباب والشيوخ فعلا ، فالرحلات والنزهات وقضاء أوقات الإجازات والعطل الرسمية تكون عمرة مباركة وزيارة إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم . وظهرت العناية الكبيرة بأماكن الحج والمدينة المنورة ، فأصبحت مكان الجاذبية للمسلمين .

- وأصبح الفكر الإسلامي والصوت الإسلامي والشخصية الإسلامية حديث المنتديات الفكرية في الشرق والغرب . فتأسس المركز الدولي للسنة النبوية على سبيل المثال لمواجهة من أساء إلى السنة من المستشرقين والمستغربين بتخريج الأحاديث ، كما أعلن ذلك رئيس المركز الدكتور محمد الطيب النجار الرئيس السابق لجامعة الأزهر وأستاذ الدراسات العليا ([30]) . وكما هو في الجامعة الإسلامية وغيرها من المراكز .

وحتى التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى شاعت فيها المسلسلات الدينية الإسلامية لكسب شعور الناس الذين يتوجهون نحو الإسلام ( وهو في الحقيقة نوع من الإرتزاق باسم الدين ) . ووصل الأمر حدا إلى عودة من يسمون ( طوابير أهل الفن ) إلى الله . وندمهم على ما فرط منهم ([31]) .

- وأصبح أصحاب المناصب والهيئات في العالم الإسلامي يتلبسون بثياب الإسلام أو يحاولون أن يتلبسوا على الأقل ، ويلتمسوا نقاط التشابه بين واقعهم وبين الحياة الإسلامية .

- وبرزت المظاهر الإسلامية في الأفراح والأحزان والمظهر الشخصي – ( مثل العقيقة ، واللحية ، وعزل النساء عن الرجال في قاعة الدرس ، وفي حفلات الأعراس ، والامتناع عن تقديم الدخان في المآتم والأفراح ، والإعراض عن لبس خواتيم الخطية وخاصة الذهبية منها ، واللباس الإسلامي . . . وغيرها ) .

- وظهر تحري الحلال والحرام في المأكولات المستوردة والمعلبات والذبائح والحلويات والمعجنات والصابون واللحوم المثلجة والمرطبات ، والتدقيق على خلو الأطعمة والأشربة من شحم الخنزير والكحول .

- إنتشار اللباس الشرعي للنساء ، والإتجاه إلى الزي الإسلامي للرجال ، وقد أخذ يظهر هذا بوضوح في المدارس والجامعات والمعاهد .

- تحري الحلال في استغلال الأموال واستثمارها ، فبرزت البنوك الإسلامية .

- انتشار وشيوع أشرطة القرآن الكريم والندوات والخطب الإسلامية والإقبال الشديد عليها .

- عودة المسجد لتأدية دوره ، فامتلأت المساجد بالشباب ، ومنها تقوم الرحلات لنشر الدعوة الإسلامية ، ودعوة الناس إلى الكتاب والسنة .

- الإعتزاز بالفكر الإسلامي وانتقال المفكرين من دور الدفاع ورد الشبهات إلى دور التحدي ، ومن مرحلة الإستحياء إلى مرحلة البروز والإعتزاز . ولم يعد الإسلام متهما تنبري الأقلام للدفاع عنه ، بل أصبح الكتاب يظهرون حقائق الإسلام للناس ، ويعرضونه نظاما شاملا متكاملا ، كاملا في حد ذاته غير محتاج إلى الترقيع من أي نظام كان ! .

- إنحسار الشركيات كالطواف حول القبور والذبح لها ودعاء الأموات والتوسل بمشايخ الطرق وأمثالهم من الدجاجلة ، وبدأت عقيدة التوحيد الصافية النقية بشق طريقها إلى القلوب على يد المخلصين من هذه الأمة .

وبعد أن كانت الدولة التي تقيم حدود الإسلام – المملكة العربية السعودية – توصف بالرجعية والتخلف ، تطاردها سهام وسائل الإعلام من مختلف الجهات ، أخذت اليوم تبرز في المحافل الدولية العربية والإسلامية بوزن كبير وإعتزاز .

وأصبحت المناداة بتطبيق أحكام الإسلام تجد صدى كبيرا ، وتقترب بعض الدول منه . مثل باكستان والسودان ([32]) ، وأخرى ترتفع فيها الأصوات تنادي بتطبيق شرع الله كما في مصر وبنغلاديش وماليزيا وأندونيسيا والجزائر والمغرب ، وحتى في تركيا المجتمع العلماني المتغرب ( مجتمع الجمهورية الكمالية التي أدارت ظهرها للمسلمين وحاولت خنق التيار الإسلامي بأشد أنواع العنف ) – عاد التيار الإسلامي إلى هذه البلاد وأصبح اليوم أقوى التيارات الشعبية المؤثرة ، الأمر الذي أجبر الحكام على الإنحناء والعودة إلى المسلمين ، وزيارة رئيس جمهورية تركيا للملكة العربية السعودية عام 1405 هـ وتأدية رئيس وزرائها لفريضة الحج ( أوزال ) ، والعلاقات القوية والتقارب مع الأفكار الإسلامية دليل على ذلك . رغم استمرارها في السياسة المعادية للإسلام . وفي تركيا اليوم سبعون ألف مسجد ، والدين الإسلامي مادة إجبارية في جميع مراحل التعليم ([33]) .

وحتى في تايلاند يرتفع صوت الإسلام يطالب بتحقيق أحكام الإسلام في المقاطعات الإسلامية فينحني لها حكام تايلاند البوذية . وكذلك انحنت الشيوعية ليحدث الإنفراج على المسلمين في الإتحاد السوفييتي والصين الشعبية ويوغوسلافيا وغيرها .

- وأخذ الإسلام يغزو الغرب فأسلم كثير من المتخصصين ([34]) في شتى العلوم ومنهم الفلاسفة ورجال السياسة والدين ، وشهدوا أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يحفظ للبشرية كرامتها أفرادا وجماعات . واندفع ألوف من البشر ( ممن يبحثون عن الخلاص في أوربا وأمريكا وآسيا وأفريقيا ) إلى الدخول في الإسلام .

- إحياء فكرة التضامن الإسلامي على المستويين الرسمي والشعبي ونشاطات الندوات والمؤتمرات التي تبحث في قضايا الإسلام – السياسية والتربوية والأدبية - .

كما ارتفعت المساجد والمآذن في كل ركن من أركان أوربا وأمريكا ([35]) انطلق منها نداء الله أكبر ، عامرة بالمصلين والمؤمنين . .

- اتفاق معظم المسلمين اليوم على تحديد خصومهم : الاستعمار ، والصهيونية ، والرأسمالية والشيوعية ، كمخاطر خارجية ، إلى جانب المشكلات الداخلية المتمثلة في قضايا التخلف والتنمية والفقر والجهل والمرض . وبذلك فهم يسيرون نحو الوعي بالذات .

والمعنى من ذلك كله أن الأمة بإذن الله مجتمعة لالتزام الإسلام رغم قصار النظر من الناس ضعاف الصلة بالله الذين يتيهون في منازع الشر التي استشرت في المجتمعات التي وصفها أهلها باطلا بالتقدم والرقي .

والواقع أن مظاهر الصحوة هذه لا تكفي فالأمة بحاجة إلى حل إسلامي شامل ، بمعنى أن يكون الإسلام هو الموجه والقائد للمجتمع في كل الميادين والمجالات المادية والمعنوية ، وأن تتجه الحياة كلها وجهة إسلامية ، وأن تصبح عقيدة المجتمع وشعاراته وتعاليمه وأفكاره ومشاعره ونزعاته وأخلاقه وأنظمة تربيته وتقاليده وآدابه وتشريعاته كلها إسلامية ([36]) . أي أن الصحوة الإسلامية هذه لن تكون حقيقية عملية إلا إذا اتخذت امتدادا يشمل كل الاتجاهات ، واتسمت بالوعي الحضاري الشمولي الذي لا يغفل ميدانا من ميادين الحياة ولا أسلوبا من أساليب المواجهة ، وهو بحاجة بدون شك إلى تخطيط وتنسيق ووعي يترفع عن صغائر الأطر التنظيمية أو الحساسية الحزبية ويستشرف الأفق الإسلامي الذي يطل منه على الإنسانية جمعاء . بحيث يظهر إلى الوجود مجتمع الهداية والعدل – مجتمع الإسلام – . وتتضح أمام الأجيال المسلمة طريق النجاة في الدنيا والآخرة . بحيث يكون مرجعها في تصورها للعمل للإسلام من حيث الأهداف والوسائل ، ومواجهة الظروف والأحداث ، ووزن الأشخاص والأشياء ، مستمدا من الكتاب والسنة ، والسيرة النبوية المطهرة ، باعتبارها الترجمة العملية النموذجية للكتاب والسنة . ويندرج تحت هذا التصور البدهيات التالية : توحيد الله سبحانه بأنواع التوحيد الثلاثة :

1- توحيد الألوهية : أي إفراده سبحانه وتعالى بالعبادة والطاعة . فهذا توحيد قصد وطلب .

2- توحيد الربوبية : أي الاعتقاد بأنه وحده سبحانه هو الخالق ، الرازق ، المحيي ، المميت ، بيده ملكوت كل شيء . وهو على كل شيء قدير . أي توحيد معرفة وإثبات .

3- توحيد الصفات والأسماء : وهو الإعتقاد بأسمائه الحسنى ، سبحانه ، وصفاته العليا ، المنزهة عن كل نقص . أو إثبات الصفات دون تعطيل ، ولا تمثيل ، ولا تأويل . فيتضح عندهم بذلك مفهوم : ( لا إله إلا الله ) . بحيث تكون الربوبية والحاكمية والسلطان والتشريع لله وحده . فيكون الإسلام عندهم المعنى الكلي الشامل الذي يجب أن يهيمن على جميع شئون الحياة .

ثانيا/- الاتجاه إلى وحدة الجهود وتضامن المسلمين

تنبه المسلمون إلى خطورة تفرقهم وإلى عوامل ضعفهم وإلى أهمية وحدتهم وتآلفهم والتقائهم ، فارتفعت الأصوات تنادي بأهمية التقاء المسلمين للتشاور والتفاهم بعد أن جربوا كل المذاهب والنظم العربية بشقيها الإشتراكي والرأسمالي اعتقادا منهم أو مجرد ظن بأن هذه النظم لم تغن عنهم شيئا وكانت سرابا خادعا ركضوا خلفه فتعرقلت نهضتهم وتفرقت كلمتهم ، وواقع الأمر أن في العالم الإسلامي مدا كبيرا وقوة شعبية هائلة تقول بالعودة إلى الإسلام من جديد ولا أدل على ذلك من مقاومة التجارب الشيوعية والاشتراكية في بعض بلدان العالم الإسلامي وردود الفعل العنيفة التي ظهرت في بعضها الآخر ضد العلمانية وفصل الدين عن الدولة ، وفصل الدين عن الحياة .

جربت القوى المسلمة التكتلات الإقليمية والوطنية والقومية وأشهرها : الحلف المركزي الذي ضم تركيا وإيران وباكستان ([37]) ، والجامعة العربية التي ضمت الدول العربية جمعاء ([38]) ، ودول عدم الانحياز ([39]) ومؤتمراتها التي ضمت كثيرا من دول آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية ، ومنظمة الوحدة الإفريقية ([40]) ، وغير ذلك من محاولات للوحدة الوطنية أو الاقليمية أو الاقتصادية على غير أسس الإسلام .

وفي عام 1345 هـ / 1926 م شهدت مكة المكرمة أول مؤتمر إسلامي قام بالدعوة إليه الملك عبد العزيز آل سعود كان بمثابة بدء المحاولات الإسلامية نحو الإتحاد بعد إلغاء الخلافة العثمانية ، تبعه وسبقه جماعات إسلامية كثيرة شملت الساحة الإسلامية بأجمعها مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر سنة 1347 هـ / 1928 م ، والجماعة الإسلامية التي أسسها الأستاذ المودودي سنة 1938 م وغيرهما من الجماعات والحركات الإسلامية التي أدت دورها في الصحوة الإسلامية بغض النظر عما قيل عن بعضها أو عنها كلها وتركت ميراثا فكريا ضخما في مستوى المواجهة مع التيارات المعادية للإسلام ، ولكنى طغى على كثير من أعضاء هذه الحركات والجماعات التعصب وسارعوا إلى مواجهة بعضهم بعضا ، ووصل ببعضهم إلى تكفير بعض بشكل أعاد إلى الأذهان صورة التعصب المذهبي الذي ساد بلاد الإسلام في عصور الجمود والتخلف .

هذه الروح الحزبية جعلت أولئك الأفراد لا يرون احتمال خطئهم ، وان عندهم الحق المطلق ، والخطأ المطلق عند غيرهم ، فجعلت اللقاءات بين أفرادهم سباقا في الحديث وليس حوارا ( والحوار فن يعتمد على سماع آراء الآخرين وفهمها وتفنيدها للتوصل إلى الصواب والرجوع عن الخطأ ) ، والحزبي لا يرى إلا من زاوية واحدة فقط ويقوم حديثه على توزيع الآراء وسد النظر فيما يتعلق بنظريته فلا يتسع صدره لآراء غيره ، وهذا أدى بدوره إلى إنغلاق بعض الجماعات على نفسها وانعزالها عن الأمة ، ونهج بعضها التطرف والغلو فسهل على أعداء الإسلام والعلمانيين ضرب دعاة الإسلام بشعارات تبررها بعض أعمال ومفاهيم بعض الجماعات كالاتهام بالتعصب أو التطرف . . فضاعت جهود كثير من العاملين في حقول الدعوة أو شوهت .

وما على هذه الجماعات إذا أرادت أن يستمر دورها الإيجابي في العمل لاستئناف الحياة الإسلامية إلا أن تعيد النظر في تقويم نفسها والابتعاد عن السرية والعمل تحت الأرض لأن ذلك هو الوسط المناسب لاستنبات البذور الغربية مجهولة الطبيعة والمناسبة للعمل المظلم فتسيء إلى العمل كله وإلى الجماعة كلها وإلى الإسلام ، أما العمل في ضوء النهار فإنه يقتل العفونة ويكشف العناصر الغريبة المستنبتة في الظلام تحت ضوء النهار وتختبر الصبر والصلابة والإخلاص . وعلى هذه الجماعات ما دامت أهدافها واحدة أن تتقارب وتتواد وتتحاب وترد أمورها كلها إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإلى العلماء المخلصين الذين يستطيعون استنباط تلك الأحكام لا إلى أصحاب الساندويتشات الفكرية ، والعلماء هم أئمة العامة يتصدون لإرشاد الناس ويرون فيهم القدوة الصحيحة ، وعليهم التخلي عن الهوى واتباع الحق ، والهوى هو المذموم الذي لا يجوز لمسلم أن يحتكم إليه أو يطمئن إليه قلبه . وروي عن ابن عباس أنه قال : " ما ذكر الله الهوى في كتابه إلا ذمه " ([41]) .

وأما الحق فهو الوحي من كتاب أو سنة . ومرد الاختلاف إلى الله وإلى رسوله . قال تعالى : ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِ اللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) ([42]) .

وقال تعالى : ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) ([43]) .

وقال تعالى : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ) ([44]) .

وقال سبحانه وتعالى : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) ([45]) .

فهم بحاجة وغيرهم من الدعاة إلى أن يكون عملهم خالصا لله فقط فلا يستكثر أحدهم عمله ويستقل عمل غيره ، كما أنهم بحاجة إلى الحلم والتأني والصبر في دعوتهم .

قال صلى الله عليه وسلم للأشج رئيس قبيلة عبد القيس : " إن فيك خصلتين يحبهما الله – الحلم والأناة " ([46]) .

والصبر في حقيقته ألزم لوازم الداعية وأمضى أسلحته وأكمل عدته وقد فهم ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى : ( وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ ) فقال : كونوا حلماء فقهاء . ويقال الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره ([47]) .

بالإضافة إلى وجوب توفر حسن التفقه والفهم السليم لبعض القضايا الفقهية ، حتى ينتفي النزاع والتخاصم والفرقة ، ويجب إدراك أن الخلاف في الفروع لا يوجب الفرقة والنزاع ، ولا يقطع الألفة والمودة والأخوة . ومن الملاحظ أن الغرور والجرأة على الفتيا بدون أهلية لذلك من أهم أسباب الفرقة بين أفراد الجماعات الإسلامية . وعلى مختلف الدعاة والمؤسسات الإسلامية أن تعمل على تضييق شقة الخلاف وإزالة العقبات ، وأن يبينوا للناس حقيقة الإسلام ، حقيقة التوحيد ، حتى توجد القاعدة الإسلامية الواعية من داخل الأمة الإسلامية ، وإن من الخطأ الاصطدام بالسلطة قبل وجود القاعدة الواعية ، إذ يكون ذلك أمرا انتحاريا لا طائل وراءه إلا اعطاء السلطة حجة تقتيل المسلمين ، والتخلص منهم .

إن عملية التربية المستمرة ، وتخريج الأجيال المؤمنة ستؤدي حتما إلى التعاون مع السلطة ، أو إلى انحناء السلطة ، فهي من الأمة ، وليست من خارجها . ومن الممكن أن تدعم العمل الإسلامي بدلا من أن تسهم في القضاء عليه . كما يجب الانتباه إلى تربية المرأة المسلمة تربية إسلامية صحيحة لتقضي على فكرة تحرير المرأة الغربية النزعة واليسارية المنحى . ولتسهم المرأة في حركة إحياء الدين بوعي واخلاص .

هذا وقد ظهرت أنشطة طيبة على المستويين الرسمي والشعبي في العالم الإسلامي . كان لجهود المخلصين من الأمة ، وللمملكة العربية السعودية دور بارز في إنجاحها . وأهم هذه الأنشطة .

منظمة المؤتمر الإسلامي 

وتعود فكرته إلى أول اجتماع عقد في مكة المكرمة عام 1345 هـ / 1926 م بعد إلغاء الخلافة العثمانية برعاية الملك عبد العزيز ومصر ومسلمين من شبه القارة الهندية .

ثم عقد مؤتمر إسلامي في بيت المقدس عام 1931 م / 1350 هـ ورفع صوته احتجاجا على اضطهاد المسلمين في الإتحاد السوفييتي ، وأصدر نداء للرأي العام ناشده المساعدة .

كما عقد مؤتمر كراتشي عام 1949 م و1951 م . واجتماع بغداد عام 1962 م ، واجتماع مقاديشو لعام 1964 م . وللمؤتمر لجنة مهمتها معالجة الشئون الثقافية والإدارية والسياسية والإجتماعية والاقتصادية ([48]) .

وفي الستينات بدأت الدعوة لإقامة تجمع إسلامي دولي ، كانت المملكة العربية السعودية من أول الداعين لها . وقد اصطدمت الفكرة أول الأمر بمعارضة عنيفة من بعض الدول العربية بحجة أن وراءها محاولات غربية لإحياء فكرة الأحلاف المناوئة لسياسات هذه الدول ، كما وقفت روسيا في وجه هذه الفكرة وركزت على تشويهها في وسائل الإعلام المختلفة ، وقد لعبت الإنقسامات التي شهدتها الساحة العربية والإسلامية في تلك الفترة ، دورها في تباين المواقف إزاء فكرة التجمع الإسلامي ، كما لعبت الشعارات التي رفعت في تلك الفترة من تقدمية وثورية واشتراكية دورها في الضجيج على هذه الفكرة . إلى أن كانت مأساة 1967 م . فغير معظم القادة المعارضين مواقفهم تدريجيا ، وشاركوا في ترجمة فكرة التجمع الإسلامي إلى ما يعرف حاليا بميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي .

ففي القمة الإسلامية بالرباط عام 1389 هـ / 1969 م تقرر إنشاء هذه المنظمة ، وكان مؤتمر القمة رد فعل على الجريمة اليهودية في إحراق المسجد الأقصى .

وتم إقرار ميثاق المنظمة في المؤتمر الثالث لوزراء خارجية الدول الإسلامية بجدة عام 1392 هـ / 1972 م . واشترك في إقرار هذا الميثاق ثلاثون دولة إسلامية هي :

أفغانستان ، والجزائر ، والإمارات العربية ، والبحرين ، وتشاد ، ومصر العربية ، وغينيا ، وأندونيسيا ، وإيران ، والأردن ، والكويت ، ولبنان ، وليبيا ، وماليزيا ، ومالي ، وموريتانيا ، والمغرب ، والنيجر ، وعمان ، وباكستان ، وقطر ، والمملكة العربية السعودية ، والسنغال ، وسيرالبون ، والصومال ، والسودان ، وسوريا ، وتونس ، وتركيا ، واليمن .

وقد صدقت السلطات المختصة في ثلاث وعشرين دولة من هذه الدول على هذا الميثاق حتى 1973 م كما طلبت دول أخرى الانضمام إليه منها : غامبيا ، والكمرون ، واوغندة ، وفولتا العليا ، وغابون ، وغينية يبساو . وطلب العراق الإنضمام إلى المؤتمر الإسلامي كمراقب . وتمثلت في مؤتمر لاهور عام 1974 م أعظم تظاهرة إسلامية .

ويمثل النشاط الرئيسي لهذه المنظمة على مستوى وزراء خارجية الدول الإسلامية أو ملوكها ورؤسائها . وقد ازداد عدد الدول الإسلامية المشاركة في هذه المنظمة فبلغ عام 1405 هـ في مؤتمر صنعاء 44 دولة . وهو المؤتمر الخامس عشر لوزراء خارجية الدول الإسلامية .

وتهتم منظمة المؤتمر الإسلامي بالمسلمين في جميع أجزاء العالم ، بحيث أصبحت ملجأ كل الجماعات والأقليات المسلمة في العالم .


أهداف المنظمة :

ورد في مقدمة ميثاق المؤتمر الإسلامي ما يوضح أسس التكتل الذي أنشأه فتقول :

" إن ممثلي الدول الأعضاء وهم مقتنعون بأن عقيدتهم المشتركة تشكل عاملا قويا لتقارب الشعوب الإسلامية ، وتفاهمها ، وتضامنها . . . وإذ يقرون الحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية ، والإجتماعية والإقتصادية الموجودة في الإسلام والتي تظل عاملا من العوامل الهامة لتحقيق التقدم بين أبناء البشر . . . يصممون على توثيق أواصر الصداقة الأخوية والروحية القائمة بين شعوبهم . . . . " .

أما أهداف هذه المنظمة فقد حددتها المادة الثانية من الميثاق على النحو التالي :

1- تعزيز التضامن الإسلامي بين الدول الأعضاء .

2- دعم التعاون بين الدول الأعضاء في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية . وفي المجالات الحيوية الأخرى . . .

3- العمل على محو التفرقة العنصرية والقضاء على الاستعمار في جميع أشكاله .

4- اتخاذ التدابير اللازمة لدعم السلام والأمن الدوليين القائمين على العدل .

5- تنسيق العمل من أجل الحفاظ على سلامة الأماكن المقدسة ، وتحريرها ، ودعم كفاح الشعب الفلسطيني ، ومساعدته على استرجاع حقوقه ، وتحرير أراضيه .

6- دعم كفاح جميع الشعوب الإسلامية في سبيل المحافظة على كرامتها واستقلالها وحقوقها الوطنية .

7- إيجاد المناخ لتعزيز التعاون والتفاهم بين الدول الأعضاء والدول الأخرى ([49]) .

وقد تبنى الملك فيصل بن عبد العزيز الدعوة إلى التضامن الإسلامي للوقوف في وجه المخططات الاستعمارية ، ولم شعث المسلمين ومجابهة الغزو الفكري بجميع أشكاله ، وقام من أجل ذلك بعدة جولات في البلاد الإسلامية كالمغرب ، وغينيا ، ومالي ، وتونس ، والجزائر ، والسنغال ، واوغندا ، وتشاد ، وموريتانيا ، والنيجر ، كما أرسلت المملكة عدة بعثات لأفريقيا ، واستقبلت مئات الطلاب في الجامعة الإسلامية والجامعات الأخرى ، وكان من نتائج هذه الدعوة :

1- تنبهت الدول الأفريقية للخطر الصهيوني الذي تسلل إليها منذ سنة 1376 هـ وبعد احتلال إسرائيل لمضائق تيران وخليج العقبة ، وصارت السفن اليهودية تسير في البحر الأحمر والمحيط الهندي وتتصل مباشرة بشرق أفريقيا .

وبعد اتصالات فيصل قطعت الدول الأفريقية علاقاتها السياسية مع الصهيونية وانقلب كثير منها إلى موالاة البلاد الإسلامية .

2- أنشيء البنك الإسلامي للتنمية ليسد الفراغ في مساعدة الدول الأفريقية النامية ، وليقوم بمشاريع التنمية الاقتصادية على أسس خالية من المعاملات الربوية .

3- أنشئت الأمانة العامة للدول الإسلامية بجدة ، بعد انعقاد عدة دورات لملوك ورؤساء الدول الإسلامية ( منظمة الدول الإسلامية ) فعقدت عدة مؤتمرات قمة إسلامية أسفر الثالث منها عن تأسيس مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة .

4- أنشيء المجلس الأعلى للمساجد وبدأ العمل في التنسيق بين مؤسسات الدعوة في العالم الإسلامي ورعاية المساجد وعمارتها وتكوين الدعاة .

5- تبني القضايا الإسلامية ومد يد العون إلى الشعوب والأقليات المسلمة التي تعاني الظلم والاضطهاد : فعقد في السنوات الأخيرة العديد من المؤتمرات والندوات الإسلامية وتكررت اللقاءات الرسمية والشعبية بين قادة الفكر الإسلامي للتداول في شئون المسلمين ومد يد العون إلى الشعوب والأقليات التي تعاني الظلم والإضطهاد . ففي أعمال مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الذي عقد في ربيع الأول سنة 1401 هـ أضيف موضوع الأقليات المسلمة إلى جدول أعمال مؤتمر القمة بناء على موافقة مؤتمر وزراء خارجية العالم الإسلامي الثاني عشر الذي عقد بمدينة الطائف ([50]) . كما أنشيء معهد شئون الأقليات المسلمة التابع لجامعة الملك عبد العزيز بجدة لخدمة الأقليات المسلمة ودراسة مشكلاتها ([51]) . وأنشئت إذاعة نداء الإسلام في مكة المكرمة لخدمة قضايا الأقليات المسلمة أيضا . وأصبحت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تجمعا كبيرا لأبناء المسلمين ومنبرا إسلاميا كبيرا عقد فيها المؤتمر الإسلامي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة الأول والثاني .

فعقد الأول سنة 1397 هـ / 1977 م وتناولت موضوعاته ([52]) :

أ- مناهج الدعوة الإسلامية ووسائلها وأساليبها وسب تعزيزها وتطوراتها .

ب- اعداد الدعاة ومشاكل الدعوة والدعاة في العصر الحديث ووسائل التغلب عليها .

ج- وسائل الإعلام ودورها في توجيه الأفراد والجماعات والمجتمعات وآثارها المضادة للدعوة الإسلامية وما يجب اتخاذه بإزائها .

وقد صدر عن هذا المؤتمر 98 توصية تمثل منهجا متكاملا للدعوة وإعداد الدعاة ، وطالب الحكومات كلها بنبذ القوانين الوضعية والعودة إلى الشريعة الإسلامية .

وأما المؤتمر الثاني فعقد عام 1404 هـ / 1984 م واشترك فيه علماء ودعاة من العالم الإسلامي ، ومن توصياته التي تعبر عن أماني الأمة وآمالها :

أ- دعوة ولاة الأمور في الأقطار الإسلامية إلى التقارب والوحدة ونبذ القوانين الوضعية باعتبار هذه الأقطار أمة واحدة تترابط وتتفاعل أجزاؤها وتتكامل ثرواتها وطاقاتها ويتحد مصيرها .

ب- أن تتبنى منظمة المؤتمر الإسلامي إنشاء هيئة للتعاون الإسلامي تعني بدراسة سبل التعاون والتكامل بين الأقطار الإسلامية في جميع مجالات الحياة الصناعية والتجارية والإستثمارية والدفاعية والأمنية والزراعية والإجتماعية والصحية وغيرها والعمل على تحقيق ذلك .

ج- دعوة الحكومات الإسلامية إلى اتفاق على ميثاق إسلامي مستمد من الكتاب والسنة يجمع كلمتها ويوحد سياستها ويعزز قوتها ويجعل ولاءها لدينها وانتصارها بربها لا بالتحالف مع أعدائها ، وأن تكون العلاقات الدولية خاضعة للسياسة الشرعية الإسلامية

د- أوصى منظمة المؤتمر الإسلامي أن تتبنى القيام بإنشاء المصارف غير الربوية لتشمل سائر الأقطار الإسلامية وإلى تعزيزها بالأموال لبناء اقتصاد سياسي يقضي على الإقتصاد الربوي القائم ويحل محله .

هـ- ضرورة التعاون الاقتصادي بين الأقطار الإسلامية على أساس إسلامي .

و- كما أكد على أن أفغانستان وفلسطين قضيتان إسلاميتان وضرورة رعاية الأقليات الإسلامية ومساعدتهم .

وعقد المؤتمر الأول لوزراء الإعلام للدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي عام 1409 هـ / 1988 م بهدف توعية الأمة الإسلامية بأهمية الإعلام ومدى تأثيره على مسار القضايا الإسلامية . ونرجو أن يبشر بالخير .

رابطة العالم الإسلامي

أنشئت بناء على قرار صدر عن المؤتمر الإسلامي العام الأول الذي عقد بمكة المكرمة في 14 ذي الحجة عام 1382 هـ / 1962 م ، وهي منظمة إسلامية عالمية تمثل فيها جميع الشعوب الإسلامية في أنحاء المعمورة ، ومقرها مكة المكرمة ، ولها مجلس تأسيسي مؤلف من كبار العلماء ورجال الفكر في العالم الإسلامي ([53]) . ولقيت كل التشجيع والمؤازرة والدعم من حكومة المملكة العربية السعودية . وتهتم بمقاومة جميع الحركات والتيارات المعادية للإسلام ، وبمساندة كل عمل الخير للعالم الإسلامي .

ومن أهداف الرابطة ([54]) :

- تبليغ دعوة الإسلام ، وشرح مبادئه وتعاليمه ، ودحض الشبهات عنه .

- التصدي للتيارات والأفكار الهدامة التي يريد منها أعداء الإسلام فتنة المسلمين عن دينهم وتشتيت شملهم وتمزيق وحدتهم .

- الدفاع عن القضايا الإسلامية بما يحقق مصالح المسلمين وآمالهم ويحل مشاكلهم .

ومن الوسائل التي تستخدمها الرابطة لتحقيق الأهداف ([55]) :

- العمل على تحكيم الشريعة في البلاد الإسلامية .

- الأخذ بمبدأ الشورى عن طريق مؤتمرات لكبار العلماء في العالم الإسلامي لتبادل وجهات النظر ، وتنسيق الجهود من أجل نشر الدعوة الإسلامية .

- الاستفادة من موسم الحج عن طريق إقامة الندوات والمحاضرات .

- دعم وتشجيع العلماء والدعاة في كافة أنحاء الأرض وتوزيع الكتب والمجلات الإسلامية مجانا .

- بعث عدد من الوفود إلى جميع أقطار العالم الإسلامي وللأقطار التي تتواجد فيها الأقليات الإسلامية لدراسة مشاكلهم والتعرف عليهم ومساعدتهم ودعمهم .

- دعم جميع المنظمات والمؤسسات الإسلامية التي لها صلة بالرابطة وتنسيق الجهود والعمل الإسلامي معها لخدمة الدعوة الإسلامية .

- العمل على نشر لغة القرآن الكريم بين الشعوب الإسلامية .

وتقوم الرابطة بمهامها عن طريق عدد من الأجهزة ومن أهمها ([56]) :

1- المجلس التأسيسي ويتكون من 56 عضوا من العلماء وقادة الرأي والفكر في العالم الإسلامي ، ويجوز زيادة عددهم لاستكمال التمثيل الإسلامي . وهو الذي يرسم سياسة الرابطة ويحدد أهدافها واتجاهاتها .

2- الأمانة العامة للرابطة : وهي السلطة التنفيذية للرابطة ومقرها الدائم مكة المكرمة ، ويعتبر الأمين العام هو المسئول عن تنفيذ القرارات والتوصيات التي يصدرها المجلس التأسيسي في الداخل والحارج . ومن مهمة الأمانة النظر في أحوال المسلمين في كل مكان . وخاصة الأقليات الإسلامية في أماكن كثيرة من العالم وحماية الأقليات أولا ثم إعانتها ثم إرشادها إلى طريق الإسلام الصحيح .

3- الجهاد الإداري والمالي : وهو المسئول عن متابعة أعمال الرابطة ورفع التقارير عن سير تلك الأعمال إلى المجلس التأسيسي .

هذا وهناك مكاتب فرعبة لرابطة العالم الإسلامي في مختلف دول العالم ، وهي معترف بها رسميا من قبل السلطات المحلية لتلك الدول ويتمتع العديد منها بالإمتيازات والحصانات الدبلوماسية ([57]) .

مواجهة المسلمين للتحديات الاقتصادية 

تقوم قوى الأمم في هذا العصر على الاقتصاد ، فأمريكا تقوم قوتها الهائلة على الإقتصاد الأمريكي الذي هو أداة من أدوات الحرب بل هو أقوى عدة . وقد تكالبت القوى وتحركت المطامع نحو ثروة البلاد الإسلامية ، للوصول إليها ، أو الإحتفاظ بها . وبسبب تفرق المسلمين وتخلفهم وغيبة النظام الاقتصادي الإسلامي أصبحت ثروة بلادهم بيد أعدائهم يتنافسون عليها . ووجدوا أنفسهم بعد استقلال بلادهم شعفاء أمام التكتلات الاقتصادية العالمية الهائلة ([58]) ، وفي تبعية اقتصادية كاملة لهذه التكتلات . فحاولت البلاد العربية إنشاء سوق عربية مشتركة لمقابلة الاحتكارات الأجنبية والوقوف ضد التكتلات الاقتصادية الغربية ، ووضح حد للمنافسة في إنتاج البلاد العربية بين الأقطار العربية ، وبدأت الفكرة سنة 1956 م بتشكيل لجنة من الخبراء العرب لوضع مشروع الوحدة الاقتصادية ، وظهرت الفكرة إلى حيز الوجود عام 1964 م واعتمد يوم 1 / 1 / 1965 م موعدا لقيام هذه السوق . ومر هذا التاريخ دون تحقيق شيء . كما واجه مشروع السوق الإسلامية المشتركة المصير نفسه وكذلك مشروع الدينار الإسلامي ، وذلك نظرا لاختلاف الأنظمة في الأقطار الإسلامية والعربية فلا يمكن تنفيذ مثل هذا السوق ، فدول تتبع النظام الاقتصادي الحر ، ودول أخرى تتبع النظام الاقتصادي الاشتراكي وهذا يؤدي :

1- إن التنافس في السوق الواحدة بين انتاج المزارع والمعامل المؤممة وبين انتاج المزارع والمعامل الحرة لن يكون تنافسا عادلا ، لأن الانتاج المؤمم لا يخضع في أسعاره للعوامل الاقتصادية بل تتحمل الدولة أكلافه في كثير من الأحيان من موازنتها العامة ، وتستطيع أن تغرق الأسواق بخلاف الاقتصاد الحر الذي لا يستطيع منافسة ذلك .

2- إن حرية تنقل الأموال وحرية العمل وممارسة النشاطات الاقتصادية في الدول الاشتراكية تبقى وهما لا يستفيد منه رعايا الدول الأخرى الموقعة على الميثاق لأن هذه الحريات محظورة على رعايا الدولة الاشتراكية نفسها ، ما دامت أكثر النشاطات الاقتصادية محصورة بالقطاع العام . لكن رعايا الدول الاشتراكية سيستطيعون الإستفادة في هذه المجالات من أسواق الدول ذات الإقتصاد الحر ، مما يشكل عدم تكافؤ المنافع بين الفريقين ([59]) .

3- إن التبعية الاقتصادية وارتباط عملة كل قطر إسلامي بعملة دولة أخرى من الدول الكبرى يجعل قيام مثل هذه السوق وتوحيد الدينار صعب المنال والتحقيق .

وعلى ذلك فمن أجل التعاون الإقتصادي التام بين أقطار المسلمين يجب توحيد الأنظمة أولا ، والعامل المشترك بين جميع هذه الأقكار هو الإسلام فبالإتجاه إلى النظام الاقتصادي الإسلامي يسهل عمليات التكامل وقيام مثل هذه السوق المشتركة . فالاتحاد الجمركي – الزلفرين – الألماني الذي كان مقدمة الإتحاد الألماني تم بين ولايات تتشابه أنظمتها الإقتصادية ، وكذلك السوق الأوروبية المشتركة والسوق اللاتينية المشتركة . وأمام التحديات الحاضرة للعالم الإسلامي من : أطماع الكتلتين الكبيرتين على السيطرة على البلاد الإسلامية خاصة الدول البترولية منها . وخطر الصهيونية ووجودها داخل العالم الإسلامي ، وغزو الاتحاد السوفييتي لبعض البلدان الإسلامية ، وإشعال نار الحرب والفتنة بين بعض البلاد الإسلامية مثل الحرب العراقية الإيرانية ، وحرب الصحراء ، والحرب الأهلية اللبنانية ، هذه الأخطار كلها يصعب صدها إذا ما بقي اقتصاد البلاد الإسلامية مفككا كما هو عليه الحال الآن بالإضافة إلى تفككها السياسي ، وهذا يؤكد لنا ضرورة قيام السوق المشتركة والتعاون الاقتصادي – الذي لا يتم كما ذكرنا إلا بتوحيد النظم الإقتصادية في البلاد الإسلامية .

وقد تعاظمت التحديات الاقتصادية على منطقة الخليج العربي بشكل خاص لحاجة العالم الصناعي للنفط ، فظهر مجلس التعاون لدول الخليج سنة 1401 هـ / 1981 م وقد نجح هذا المجلس بسبب الروح الإسلامية التي تجمع بين هذه الدول ، ويعتبر مثلا الواجب على بلاد المسلمين أن تحتذيه وتطوره للتغلب على الأخطار التي تواجه هذا العالم الإسلامي الغني في خيراته وإمكانياته ، الجائع على أرضه ، المسلوب الإرادة والتحكم في ثرواته

ثالثا/- الأخطار التي تهدد العالم الإسلامي ما لم يعتصم بالإسلام

يقف المسلم مذهولا اليوم وهو يرى المحاولات المسعورة المستمرة من قبل أعداء الإسلام في سبيل السيطرة وفرض الوصاية على كل مقدرات المسلمين صغيرها وكبيرها ، فيرى قضايا المسلمين المعاصرة أفغانستان المسلمة بين براثن الشيوعيين ، وفلسطين المسلمة يقصى الجهاد الإسلامي كأسلوب وحيد لتحريرها من أذهان المسلمين ، والخطط التي ينفذها الصليبيون في أندونيسيا ، وحملات التصفية التي يلاقيها المسلمون في جنوب الفلبين وفطاني والبوسنة والهرسك ، والمؤامرات الدنيئة التي يحاول المنصرون تنفيذها في جنوب السودان لاقتطاعه وإقامة دولة صليبية في جنوبه ، وتسلط المستعمر وهيمنته على الدول الإفريقية المسلمة كتانزانيا وأرتيريا وأوغندا وغيرها ، وحملات التصفية والإضطهاد والإعتقال والتعذيب التي يتعرض لها الشباب المسلم في بلدان المسلمين لإبعاده عن دعوة الإسلام .

كل هذه المؤامرات والأوضاع المحزنة المؤلمة تعود في مجملها إلى سببين :

1- غياب الإسلام منهجا وتشريعا وسياسة وتطبيقا عن حياة الأمة – وحلول التشريعات المستوردة والمباديء الهدامة والنظم العلمانية في مختلف مجالات حياة المسلمين . فقد حاولت الصهيونية والشيوعية والصليبية الغربية جهدها لابعاد الإسلام عن توجيه حياة المسلمين وجعله فكرة تاريخية أو سلوكا تعبديا لا علاقة له بالحل والعقد في مجال الحياة فأصبحت الثورة في مفهوم بعض الأنظمة ثورة على الإسلام وعلى المتمسكين بأهدابه .

2- فقدان الوحدة بين أقطار الإسلام بإسقاط وحدة العقيدة والمبدأ من حساباتها وانعدام هذا التعاون في معظم الحالات . فأصبحت هذه الأقطار تعاني ما تعاني من المحن والمصائب بمفردها – بينما تتكالب القوى المضادة متعاونة متعاضدة تشدها إلى بعضها وحدة المصلحة في ضرب الإسلام وتفريق كلمته وابتزاز موارده وطاقاته .

وقد أدرك المسلمون ذلك وشهد العالم الإسلامي صحوة تأخرت ( برغم المسيرة الطويلة لحركات التجديد والإصلاح ابتدأت بمحمد بن عبد الوهاب والدعوات المماثلة ([60]) في شمال أفريقيا وما تلاها من حركات في مصر وديار الشرق الإسلامي في أندونيسيا والهند وباكستان وايران ) إلى الثلث الأخير من القرن العشرين أو نهاية القرن الرابع عشر للهجرة كما بينا .

والتاريخ يحدثنا أن الشريعة الإسلامية كانت مطبقة في بلدان المسلمين كلها حتى أخريات القرن الثالث عشر الهجري ومنذ إلغاء تطبيق الشريعة في معظم بلاد المسلمين قام المسلم تحت مظلة القوانين الوضعية بتعذيب أخيه المسلم بطريقة لم تحدث خلال أربعة عشر قرنا وكان هذا المسلم يستورد أدوات تعذيبه لأخيه المسلم من بلاد النصارى ومن اليهود ومن دول الإلحاد الشيوعي .

وخرجت مجموعة شاذة من نساء المسلمين يحاربن الإسلام ولا زال بعضهن في بعض المناصب يبارزن الإسلام مبارزة شرسة . ومنيت بلاد الإسلام بهزائم مروعة – وحاول المنهزمون أن يحولوا هذه الهزائم إلى انتصارات واحتفلوا بها واخترعوا بطولات .

وأقام المستعمرون أوضاعا معينة في كل بلد إسلامي فسمح لهم بالتدخل وإملاء إرادتهم ، وضمنوا لهذه الأوضاع أنصارا وأعوانا ، فاستشرت التبعية والتقليد واستشرى الإلحاد الشيوعي والغزو التبشيري الصليبي ، والامتداد الصهيوني اليهودي ، وانفصلت الشعوب الإسلامية عن حكامها إلا قلة نتيجة إصرار بعض الحكومات على تحدي شعوبها بعدم تطبيق شريعة الله ، فوقع التخبط وعاش المسلمون واقعا مريضا في حضيض من الذلة والهوان والتخلف نراه ونحس به في كل أقطار الإسلام التي أقصت الشريعة جانبا ، فتعطلت ملكات الإبداع في الأمة وتحول المجتمع إلى مستوى انحلالي رديء وتفككت الأواصر الاجتماعية وتعطل دولاب الحياة الإقتصادية السليمة ، وواجهت الأمة هزائم متوالية لا مثيل لها في التاريخ .

ومن المهم أن يدرك المسلم أن ما هم فيه المسلمون من الهوان لا يعفيهم عن مسئوليتهم نحو أنفسهم ونحو البشرية جمعاء . قال تعالى : ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ) ([61]) . وأنه سيبقى التخلف والحرمان والهوان والضعف وستبقى التبعية والركض واللهاث وراء كل ما هو سراب وخداع حتى يلجأ المسلمون إلى الله ، يتمسكون بدينهم ويدركون ذاتهم ومسئوليتهم ، وإلا فلن يعجزه سبحانه وتعالى أن يستبدل بهم قوما غيرهم يقومون بأمر هذا الدين .

قال تعالى : ( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) ([62]) .

وقال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ([63]) .

وقد منح الله الأمة الإسلامية كل مقومات التقدم والنمو والعزة ، فلديها من المناهج أقومها ، ومن النظم أسلمها ، ومن الأدوات أكثرها فعالية ، والأمل معقود على الصحوة الإسلامية المعاصرة علها تعود بالأمة إلى الإسلام – وإذا لم يحدث ذلك ( لا قدر الله ) فإن مستقبل الشعوب الإسلامية بل وأمم الأرض قاطبة لا يبشر بأي خير وسيزداد سوءا في ظل السيطرة الشرسة للمعسكرين الغربيين الرأسمالي والشيوعي ، وهما يلعبان بمقدرات العالم ، وفي ظل الصهيونية التي تحاول الهيمنة على المعسكرين وأن ترث الحضارة الغربية . فلا برء ولا علاج لأوضاع هذه الأمة ، ولأوضاع العالم بأجمعه إلا بشريعة الإسلام الخيرة التي ما تزال وضاءة حية نابضة على الرغم مما حاوله المشركون والدهريون ، وحاوله أهل الكتاب والصابئة والمجوس ، وحاوله الشيوعيون .

ودعوة الإسلام فوق كل ذلك تزداد دائرتها إتساعا وإنتشارا كلما وجدت العقل المفكر والقلب الواعي والنظر الصحيح ، وهي في متناول جميع الناس ، ورسالة الإسلام ليست بحاجة إلى نبي يجددها ، فهي دائما جديدة حية ولكناه في حاجة إلى رجال وأتباع يعملون ويجاهدون ويصدقون ما عاهدوا الله عليه ، وبمعنى أدق هي في حاجة إلى نماذج من الرجال عملها كقولها ، وقولها كفعلها .

قال صلى الله عليه وسلم : " لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي ، كتاب الله وسنة رسوله " .

 المراجع :

 

[1]  ويكفي هنا أن نلخص الآثار المأساوية لهذه الحرب العجيبة التي هي بدون هدف :

أ- الخسائر البشرية ، التي فاقت المليون بين قتيل وجريح ، وهذه الخسائر تفوق أي خسائر للحروب التي جرت في منطقة الشرق الأوسط .

ب- الخسائر الإنسانية التي تنتج عن الخسائر البشرية . . وهذا أبعد أثرا لأن آثارها في المجتمع تستمر إلى أجيال . . فالترمل ، واليتم ، والتشرد ، والحاجة ، تبقى آثاره ونتائجه من أكثر المعوقات لدى المجتمع الإنساني .

ج- الخسائر الاقتصادية / فقد أكلت سنوات الحرب الأخضر واليابس ، فاستهلك البلدان واردات النفط كلها . وتوقفت المشاريع كما أنها نزفت موارد الدول المجاورة العربية نتيجة : الانفاق العسكري ، ونزوح الأموال بعيدا عن الخطر ، وارتفاع أسعار السلع المختلفة بسبب ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين وانخفاض مستويات المساعدات المالية التي كانت تقدمها الدول المنتجة للنفط .

د- انقسام العالم الإسلامي : وذلك لانقسامه إلى قسمين أحدهما يقف إلى جانب العراق ، والآخر يقف إلى جانب إيران . . وترتب على ذلك الانقسام الطائفي وهذا من شأنه أن ينعكس على الأفراد والدول ، ومن ثم يؤدي إلى الإنهيار في العالم الإسلامي .

كما يؤدي إلى حدة الإنقسام القوي بين الايرانيين والعرب ، كما حدث من قبل بين الأتراك والعرب . وتمتد آثار ذلك إلى أجيال عديدة .

هـ- التدخل الأجنبي : وخاصة الروسي والأمريكي ، حيث اعتبرت أمريكا نفسها شرطي الخليج بحجة وجود تهديد للأمن الدولي ، أو من خلال تأمين خطوط الملاحة الدولية ، وضمان تدفق النفط أو حتى تأمين الحماية .

و- ضياع القضايا الإسلامية : فالإنقسام واهدار طاقات الأمة من شأنه أن ينعكس سلبيا على وجود أية إمكانيات لنصرة القضايا الإسلامية ودعمها . . وخاصة فلسطين وأفغانستان وارتيريا . . فقد تضررت جميع قضايا المسلمين نتيجة استمرار الحرب . وهذه تحقق أهداف القوى المعادية للإسلام ، إذ أسهمت أمريكا واسرائيل عمليا في إطالة أمد الحرب . وفضيحة إيران جيت شاهدة على ذلك ، بحجة تخليص الرهائن المحتجزين في بيروت . وهي قضية شحن الأسلحة الأمريكية إلى إيران بواسطة إسرائيل . وقد شغلت هذه القضية الصحافة إلى حين ( انظر الشرق الأوسط العدد 2906 ، 10 / ربيع الأول 1407 هـ / المجلة بعنوان ثمن الرهائن الأربعاء 12 / 11 / 1986 م ربيع الأول 1407 هـ ) . وجاءت حرب الخليج عام 1411 هـ لتزيد الأمر خطورة .

([2])  سورة البقرة الآية 217 .

([3])  سورة الجاثية الآية 19 .

([4])  سورة الرعد الآية 17 .

([5])  سورة الروم الآية 30 .

([6])  يصيب .

([7])  الإسلام في عصر العلم ص 7 .

([8])  أبو الحسن الندوي – ابن تيمية – ص 165 .

([9])  انظر : الكسيس كارليل – الإنسان ذلك المجهول ، اشبنجلر – انهيار الحضارة الغربية ، دالاس – حرب أم سلام .

([10])  انظر : الكسيس كارليل ، واشبنجلر ، ودالاس .

([11])  الندوي – ماذ خسر العالم بانحطاط المسلمين ص 238 .

([12])  المسلمون العدد 37 السبت 5 صفر 1406 هـ / 19 اكتوبر 1985 م .

([13])  انظر التفاصيل : المسلمون العدد 35 ص 1 وص 8 0 9 . ، والعدد 37 ص 6 – 7 .

([14])  مجلة المجتمع الكويتية العدد 887 ص 28 – 29 بعنوان : ماذا يحدث في البلدان الاشتراكية بعد ( البروسترويكا ) وهو الكتاب الذي بين غورباتشوف فيه سياسته الجديدة بعد إفلاس الشيوعية . حيث تم سقوط ما يسمى بالاتحاد السوفيتي بالفعل .

([15])  سورة المائدة ، الآية 3 .

([16])  سورة التوبة الآيتان 32 ، 33 .

([17])  رواه أحمد ج 4 ص 103 ، والطبراني الكبير ج 1 ص 126 ، الألباني ج 1 ص 121 .

([18])  الألباني مجلد 3 رقم 2974 .

([19])  الألباني ج 6 ص 173 رقم 729 .

([20])  والحديث يخبرنا عن حرب ضروس ستقوم بين المسلمين واليهود في حين أن أمرا مثل هذا لم يكن يخطر بالبال ، حيث أن اليهود لم تكن لهم قوة يستطيعون بها مقاتلة المسلمين ، وهذا علم من أعلام النبوة لأنه اعلام بالغيب ، فيه بشارة عظمى وهي انتصار المسلمين على اليهود في هذه الحروب مهما كانت الظروف والأحوال انتصارا حاسما لا يبقي منهم ولا يذر ، وهو أمر آت لا ريب فيه . انظر محاضرات رابطة العالم الإسلامي للموسم الثقافي لحج عام 1398 هـ / محاضرة الشيخ عبد الله كنون ص 65 . كما أن فواتح سورة الإسراء الكريمة تؤكد هذه الحقائق – وهي بحاجة إلى نظرة جديدة في التفسير – حول افساد اليهود مرتين ! .

([21])  رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد .

([22])  رواه أحمد والدارمي وابن أبي شيبة والحالكم والمقدسي .

([23])  رواه أحمد عن حذيفة .

([24])  مجلة الأمان اللبنانية عدد 57 السنة 2 آذار 1980 م . وانظر كتاب قوة الغد العالمية لباول شمتز ، ترجمة محمد شامة – القاهرة 1394 هـ .

([25])  في حواره مع ( المسلمون ) العدد 30 السبت 15 ذي الحجة 1405 هـ / 1985 م .

([26])  وجارودي صاحب كتاب : اسرائيل – الصهيونية السياسية – وقد حوكم في فرنسا متهما باللاسامية ! ! وفي كتابه هذا بعض الأفكار السياسية الخطيرة ، والرجل ممن انتمى إلى الإسلام عقيدة بعد أن قضى حياته السابقة في ظلال الشيوعية والإلحاد ، ولكنه رأى أن الشريعة قابلة للتطور وعلى ذلك فيجب الحذر من تلقي أفكار من أسلم حديثا بالقبول دون  نظر فإن مثله ينقصه المعرفة الدقيقة في الأصول والفقه ، كما أن مواقفه السياسية وانتماءاته السابقة تؤثر كثيرا في أسلوبه وتفكيره رغم الثقة بسلامة عقيدته . انظر جريدة الدستور الأردنية حول فكرته : من أجل إسلام القرن العشرين / ص 19 الجمعة 16 / 1 / 1987 م . وقد ثار جدل كبير حول فكرته هذه ، على صفحات المسلمون وغيرها من الصحف .

([27])  أخبار العالم الإسلامي الاثنين 16 محرم 1406 هـ .

([28])  المسملون العدد 36 / 28 محرم 1406 هـ / 12 أكتوبر 1985 م .

([29])  كما في المناهج التعليمية في الأردن عدا المناهج في المملكة العربية السعودية . واتجاه المناهج في باكستان وبنغلاديش وماليزيا ومصر .

([30])  الشرق الأوسط ص 10 الأحد 1 / 9 / 1985 م .

([31])  انظر : المسلمون ( العدد 174 والعدد 175 ) حول هذا الموضوع المثير .

([32])  أعلنت السودان تطبيق أحكام الإسلام عام 1983 م في عهد جعفر نميري ، وثار الجدل في حينه ، وبعد القضاء على نظام نميري وضعت تطبيقاته على محك النقد في السودان ، والأكثر يقولون الآن بتعديل ومراجعة القوانين . انظر الشرق الأوسط حول هذا الموضوع ص 8 الأربعاء 21 / 8 / 1985 م العدد 2458 .

([33])  من حديث لعميد كلية الإلهليات بجامعة مرمرة التركية ل ( المسلمون ) . المسلمون العدد 41 ص 3 وانظر صحيفة الرائد الهندية 10 صفر 1407 هـ / ص 4 بعنوان الإسلام قادم / مدير منظمة التنصير يعترف بالصحوة الإسلامية .

([34])  ألف الطبيب الفرنسي موريس بوكاي كتابا : " دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارلاف الحديثة " وترجم كتابه إلى اللغة العربية ونشر عام 1978 م ، وتحدث فيه عن دراسته ونتائجها فقال :

" لقد قمت أولا بدراسة القرآن الكريم ، وذلك دون أي فكر مسبق وبموضوعية تامة ، باحثا عن درجة اتفاق نصوص القرآن الكريم ومعطيات العلم الحديث " وبنفس الموضوعية قمت بدراسة على العهد القديم والأناجيل ، وكانت نتيدة الدراسة المقارنة ما يلي :

" بعد تعلمي العربية وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي استطعت أن أحقق قائمة أدرت بعد الانتهاء منها أن القرآن لا يحتوي على أي مقولة للنقد من وجهة نظر العلم الحديث .

وبالموضوعية نفسها أدركت أنه ليس بي حاجة للذهاب أبعد من الكتاب الأول بالنسبة للعهد القديم أي سفر التكوين ، فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينها وبين أكثر معطيات العلم رسوخا في عصرنا هذا " .

([35])  ويتزعم المسلمين السود في أمريكا لويس فرقان الذي يحمل عليه زعماء اليهود في أمريكا ، بل وصل الأمر بالسود المسلمين في أمريكا إلى المطالبة بتكوين أمة إسلامية في أمريكا . انظر : المسلمون العدد 36 12 / 10 / 1985 م . وانظر الحاشية رقم 1 ص 24 من هذا الكتاب – الجزء الأول - [كما في النسخة المطبوعة]. وطبعا لم يسلم الإسلام في أمريكا بين السود من التحريف ، فظهرت منظمة الإيجا محمد الأمريكية انظر – منظمة الإيجا – دراسة وتحليل – د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان طـ 1 / 1399 هـ / 1979 م دار الشروق / جدة .

([36])  يوسف القرضاوي – الحل الإسلامي ص 47 – 48 .

([37])  Central Treaty Organization أو حلف بغداد . وبعد انسحاب العراق عام 1958 م منه ، وأصبحت أمريكا عضوا عاملا كامل العضوية في هذا الحلف . وفي الحلف أيضا المملكة المتحدة ( انجلترا ) ! ! والواقع أن الحلف واحد من المحاولات الغربية لتكريس نفوذها في العالم الإسلامي – ( انظر : محمد عزيز شكري الأحلاف والتكتلات ص 70 ) .

([38])  انظر فصل الأحلاف والتكتلات الدولية في هذا الكتاب .

([39])  نفسه .

([40])  نفسه .

(([41]  الإمام الشاطبي – الموافقات – ج 2 ص 121 .

([42])  سورة النساء الآية 59 .

([43])  سورة الشورى الآية 10 .

([44])  سورة النساء الآية 65 .

([45])  سورة النساء الآية 83 .

([46])  صحيح مسلم ج 1 ص 37 .

([47])  فتح الباري ج 1 ص 160 .

([48])  محمد عزيز شكري – التكتلات والأحلاف ص 146 .

([49])  نفسه .

([50])  جريدة الندوة 22 ربيع الأول 1401 هـ .

([51])  نشرة معهد شئون الأقليات المسلمة ربيع الآخر 1398 هـ .

([52])  صوت الجامعة – عدد خاص – العدد 13 السنة 2 الأحد 28 ربيع الأول 1404 هـ .

([53])  رابطة العالم الإسلامي ص 3 – عشرون عاما على طريق الدعوة والجهاد – مكة المكرمة 1401 هـ / 1981 م .

([54])  نفسه ص 4 .

([55])  نفسه ص 4 – 5 .

([56])  نفسه ص 8 – 9 .

([57])  نفسه ص 10 .

([58])  انظر واقع العالم الإسلامي من الناحية الاقتصادية في هذا الكتاب .

([59])  الاشتراكية في التجارب العربية ص 78 .

([60])  وقد كانت هذه الدعوات محلية وكان تأثيرها محدودا باستثناء دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي بقيت تلعب دورا بارزا في المسيرة الإسلامية الحالية .

([61])  سورة الزخرف الآيتان 43 ، 44 .

([62])  سورة محمد الآية 38 .

([63])  سورة المائدة الآية 54 .