القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المواضيع

المدارس اللسانية : المدرسة الوظيفية - اللسانيات الوظيفية -


 

المدارس اللسانية

المدرسة الوظيفية

- اللسانيات الوظيفية -


كما أسلفنا الذكر في إطار اللسانيات البنيوية ، قلنا انه هناك العديد من المدارس التي نشأت على أسس المدرسة السوسيرية، و قلنا أن لسانيات دي سوسير البنيوية كانت نقطة بداية لكثير من النظريات الأخرى حيث" انتشرت هذه المدارس في أماكن متفرقة من الكرة الأرضية يرابطها خيط رفيع يعود إلى رائدهم دي سوسير حيث تلقت تعاليمه عن طريق التلمذة المباشرة أو عن طريق دراسة أثاره ، و كان منها من اظهر وفاؤه للأستاذ الأول كمدرسة جنيف ، مدرسة براغ ،المدرسة الإنجليزية ..."1


و هنا نتحدث عن المدرسة الوظيفية هي الأخرى من المدارس التي تأثرت بالفكر السويسري وسارت على خطاه و مبادئه .

إذن النظرية الوظيفية هي بطبيعة الحال نظرية لسانية منبثقة من أفكار دي سوسير و تجسدت هذه النظرية من خلال مدرسة براغ، و من أهم رواد هذه النظرية نذكر : أندري مارتيينه ، رومان جاكبسون ، نيكولاي تروبتسكوي ، فيلام ماثيزيوس ...

قبل الحديث عن هذه النظرية و أهم مبادئها، يجب أن نحدد الإطار المفاهيمي للوظيفة و الوظيفية

و ذلك من خلال بعض التعاريف اللغوية حيث جاء في لسان العرب : " وظف  الوظيفة من كل شيء : ما يقدر له في كل يوم من رزق أو طعام أو علف أو شراب و جمعها الوظائف أو الوظف . ووظف الشيء على نفسه و وظفه توظيفا ألزمه إياه، و قد وظفت له توظيفا على الصبي كل يوم حفظ آيات من كتاب الله عز و جل "2


و نجد في القواميس و المعاجم الحديثة الوظيفة بمعني العمل أو الدور الذي يقوم به الفرد  و منه نقول أن النظرية اللسانية الوظيفية هي النظرية التي تبحث في دور اللغة أي الاتصال و التواصل و التخاطب هذا من جهة و من جهة أخرى تبحث في دور عناصر اللغة بما في ذلك عناصر الجملة .


 إذن الوظيفية تطلق على "المذهب الوظيفي في القرن العشرين ، و تعد امتدادا للاتجاه العقلاني ، و قد  أطلقت الوظيفية في البداية على الهندسة المعمارية ، و علم الاجتماع فهو مثلا يستمد مبادئه كمذهب من مسلمة ترى أن المجتمع هو كل عنصر عضوي ، يتحقق من خلال الوظائف التي تؤديها عناصره المختلفة "3ليتوسع نطاقها ليمس الدراسات اللسانية .


ظهرت اللسانيات الوظيفية على أسس أفكار دي سوسير و مثلت امتدادا للمبادئ السوسيرية و من أهم مبادئ هذه النظرية نذكر :

-  وضعت هذه المدرسة نظرية كاملة في التحليل الفونولوجي

- تحديد الوظيفة الحقيقية للغة والمتمثلة في الاتصال و التواصل

- اللغة ظاهرة طبيعية ذات واقع مادي بعوامل خارجة عنه

- الدعوة إلى الكشف عن تأثر اللغة بكثير من الظواهر العقلية و النفسية  و الاجتماعية.


لقد شملت نشاطات هذه المدرسة العديد من المجالات نذكر منها التالية :"الصوتيات الوظيفية الآنية ، الصوتيات الوظيفية التاريخية ، و التحليل الوصفي و العروضي  ، و تصنيف التضاد الفونولوجي ، و الأسلوبية اللسانية الوظيفية ، و دراسة الوظيفة الجمالية للغة ،ودورها في الأدب و المجتمع  و الفنون "4


نلاحظ أن النظرية اللسانية قد لامست حقول لغوية مختلفة من دور اللغة الرئيسي و الأساسي في التبليغ و التخاطب بصفة عامة وصولا إلى دور اصغر الوحدات اللغوية من خلال البحث عن القطع الصوتية ووظائفها . " إذ أن الباحث هو الذي يسعى إلى الكشف عن القطع الصوتية التي تؤدي وظيفة داخل التركيب أي انه يبحث عن الوحدات التي يمكنها أن تغير المعنى كلما استبدلت بأخرى ، فتغير معنى الوحدات اللغوية دليل على أن لها وظيفة .


فالمعنى و الوظيفة –إذا هما جوهر اهتمامات  المدرسة الوظيفية الأوروبية" 5

نأخذ مثالا بسيطا يقربنا أكثر إلى هذا المبدأ الوظيفي :

ذهب الولد – جاء الولد – أكل الولد


نلاحظ من الجمل الثلاثة أن الولد يتكرر لكن الفعل يختلف ، هذا الاختلاف يكسب كل جملة معنى مختلف آو ما يسمى في الحقل اللساني بالفوارق الدلالية و هذا ما يبين وظيفة كل كلمة في تأدية المعنى خاصة و أننا أسلفنا الذكر أن المبدأ الأساس في النظرية الوظيفية هو المعني ، و يخص هذا المبدأ الكلمات أي المورفيمات و المورفيمات سبعة أقسام :"الاسم،و الصفة ، و الفعل ، و الضمير ،       والخالفة ، و الظرف ، و الأداة "6 و نجد من اللغويين من يقسمها إلى أربعة أقسام : " الاسم ،      والضمير ، و الفعل ، و الأداة "7 .


نأخذ مثالا أخر للنظرية الوظيفية على المستوى الصوتي  : دام – نام – لام  نلاحظ أن الأفعال تتشابه مع اختلاف في الحرف الأول ، فبعد القيام بتقطيعها إلى فونيمات أي إلى وحدات غير دالة نلاحظ الاختلاف في المستوى الصوتي من حيث صفة الحروف و مخارجها ،و هذا ما يبرر ما ذكرناه آنفا حول مبادئ النظرية الوظيفية و التي تتبنى الرأي القائل بان اصغر وحدة غير دالة و هي الفونيمات لها وظيفة و دور تغيير المعنى .


المراجع :

1-جهود اللسانيين العرب في إعادة وصف اللغة العربية وظيفيا-تمام حسان  من خلال مصنفة اللغة العربية معناها و مبناها – إيمان حساني- إشراف :صلاح الدين ملاوي – جامعة محمد خيضر – بسكرة -2011/2012 -ص 15

2-لسان العرب- ابن منظور جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي – دار صادر – بيروت – المجلد 6 – الطبعة الأولى – 1997 – مادة  (و،ظ ، ف)

3-المونيمات الوظيفية في المعلقات السبع (دراسة نحوية لسانية )- بلقاسم إيمان فاطمة الزهراء –جامعة تلمسان – 2016/1017 - ص 32

4-اللسانيات النشأة و التطور – احمد مؤمن – ديوان المطبوعات الجامعية – الساحة المركزية – بن عكنون – الجزائر – ص 136

5-محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة – شفيقة العلوي –أبحاث للترجمة و النشر و التوزيع – لبنان – الطبعة الأولى –2004 – ص 17

6-اللغة العربية مبناها و معناها – تمام حسان – الهيئة المصرية العامة للكتاب – مصر – الطبعة الثانية- 1979- ص88

7-من أسرار اللغة - إبراهيم أنيس – مكتبة الأنجلو – الطبعة الثالثة – 1999 – ص 195،196