التعبير الشفوي
أهمية التعبير الشفوي ، مفهوم التعبير الشفوي وأنماط التعبير الشفوي
أهمية التعبير الشفوي
إن للتعبير الشفوي أهمية كبيرة في حياة الإنسان تظهر من خلال تفاعله مع أبناء المجتمع في جميع مجالات الحياة ، لذا لا يمكن الاستغناء عنه ، فحاجة الإنسان إليه أشبه بحاجته إلى الهواء و الماء. و التعبير مظهر أساسيّ من مظاهر النشاط الإنساني بكلّ صـــــــوره ، و هو كذلك
ظاهرة عامة يشترك فيها جميع أفراد الجنس البشري على اختلاف لغاتــــــهم وبيئاتهم .
إضافة إلى ذلك نجد التعبير الشفوي يكتسي أهمية لدى الإنسان من عدة منظورات :
- المنظور النفسي : يحقّق التعبير الشفوي الثّقة بالنّفس و التّعزيز الذّاتي و يؤدّي إلى الرّضا النفسي.
- المنظور الوجداني : يتيح التعبير الشفوي للإنسان نقل مشاعره و أحاسيسه ، و تحقيق الإشباع الوجداني.
- المنظور التربوي و المعرفي : نجد التعبير الشفوي سبيلا مهما للتربية و تلقّي المعارف وتطويرها كما يحدث في المدارس و الجامعات و غيرها من دور العلم .
- المنظور الإبداعي : فإنّ التعبير الشّفوي مظهر من مظاهر الإبداع اللغوي يتجلّى في أداء
المسرحيات و إلقاء القصائد و الخطب و غيرها .
يعرّف ابن جني (392 ه) اللغة بأنها (( أصوات يعبّر بها كلّ قوم عن أغراضهم )) .
يشير هذا التعبير إلى خاصيتين مهمّتين بالنّسبة للغة :
أ - الطبيعة الصوتية للغة : فهي في الأساس تؤدّى عن طريق الأصوات و كلّ لغة لها مجموعة محدّدة من الأصوات التي قد تشترك في بعضها مع غيرها و تختلف مع البعض الآخر .
ب- الطبيعة التعبيرية للغة : أي وظيفة اللغة ؛ فكلّ قوم يستخدمون اللغة لوظيفة معيّنة هي التّعبير عن أغراض مختلفة متعلّقة بشؤونهم الحياتية ويتمّ هذا التّعبير في الغالب ضمن أنموذج التّواصل و هو الذي يتكوّن من المرسل و المستقبل و الرسالة و الوسيلة .
المرسل : هو الطرف ( فرد أو جماعة ) التي تبدأ الرسالة منه بقصد تحقيق غرض معين .
المستقبل : هو الطرف ( فرد أو جماعة ) الذي يوجّه إليه الرسالة .
الرسالة : هي موضوع الاتّصال من أفكار و معلومات و حقائق و أحاسيس .
الوسيلة : هي اللغة بمهاراتها الأربعة (( التحدّث و الإقناع و الكتابة و القراءة )) .
ولكي يكون التّواصل فعّالا ينبغي للمرسل إتيان مهارات الإرسال و هي التحدّث و الكتابة ؛ وينبغي للمستقبل إتقان مهارات الاستقبال و هي الاستماع و القراءة .
و بما أن التّواصل اللغوي يفرض تبادل الأدوار بين الإرسال و الاستقبال فإنه يتعيّن على كلّ فرد التّمكّن من المهارات الأربع.
هذا و يبقى التعبير ضمن مهارتين :
1/- مهارة التحدث : و يكون التعبير حينها شفهيا لأن الوسيلة هي اللغة المنطوقة .
2/- مهارة الكتابة : و يكون التعبير معها كتابيا لأن الوسيلة هي اللغة المكتوبة .
وبما أنّ النّشاط الشّفوي أسبق عند الإنسان من النّشاط الكتابي ، فإنّنا سنقدّم التعبير الشّفوي على التّعبير الكتابي .
مفهوم التعبير الشفوي
التعبير لغة : يقال عبر النهر ونحوه إذا قطعه من عبر الى عبر أي من جانب إلى آخر فعبر النحو و عبره شاطئه و جانبه و منه يقال عبر عما في نفسه تعبيرا أوضح و بيّن فكأن التّعبير نقل لفكرة ما من ذهن المتكلم إلى ذهن المستمع عن طريق اللغة .
و التعبير اصطلاحا : قدّم الباحثون تعريفات عديدة عن التعبير الشفوي قد تختلف لفظا لكنها تتّفق معنى من أهمّها ، التعريفات الآتية :
1/- التعبير الشفوي : هو(( ذلك الكلام المنطوق الذي يعبّر به المتكلّم عما في نفسه من هاجس أو خاطرة و مما يجول بخاطره من مشاعر و إحساسات و ما يزخر به عقله من رأي و وفكر وما يريد أن يزوّد به غيره من معلومات أو بنحو ذلك في طلاقة و انسياب مع صحة في التعبير و سلامة في الأداء )) .
2/- و عرّفه بعضهم بأنه (( إفصاح المرء بالحديث عن أحاسيسه الداخلية و مشاعره و أفكاره بعبارات سليمة )) .
3/- و يعرّفه محسن عليّ عطية بقوله (( التعبير الشفوي هو الكلام و هو مهارة من مهارات اللغة التي بها تنتقل الأفكار و المعتقدات و الآراء و المعلومات و الطلبات إلى الآخرين بواسطة الصوت فهو ينطوي علي لغة و صوت و أفكار و أداء ))
و يدخل في الأداء المذكور في التعريفين 1 و 2 و في حركات الجسم و هيئاته و ملامح الوجه إضافة إلى ارتفاع الصوت و انخفاضه و غير ذلك من مظاهر الأداء .
أنماط التعبير الشفوي
التعبير الشفوي من حيث الغرض نوعان :
1 ــــــ تعبير شفوي وظيفي
2 ـــــ تعبير شفوي إبداعي
أما التعبير الشفوي الوظيفي :
فهو كل تعبير يؤدّي غرضا وظيفيا تقتضيه حياة المتكلم في البيت أو في المدرسة أو في غيرهما.
و الحياة مليئة بالمواقف التي تقتضي التعبير الوظيفي كمواقف استقبال الآخرين أو التعريف بهم أو وداعهم أو تهنئتهم أو تعزيتهم أو تقديم الإرشادات و التعليمات إلى غير ذلك من متطلّبات الحياة الاجتماعية و المادية . ( و الهدف المتوخى من هذا النوع هو الفهم و الإفهام )
التعبير الشفري الإبداعي :
فهو التعبير الذي يحرص فيه الفرد على إظهار أحاسيسه وعواطفه بأسلوب أدبي رفيع و عبارات مختارة بدقّة يتوخّى منها إحداث أكبر الأثر في نفس السّامع .
فالتعبير الشفوي الإبداعي فيه صنعة و جمال و إثارة تطلّ على نفس السّامع فتّؤثر فيها .
و في الحياة مواقف كثيرة تقتضي هذا النّوع من التعبير كالمواقف الشّخصية الوجدانية واستثارة السّامعين نحو قيمة معيّنة و الوعظ و الإرشاد الخ . و من هذا القبيل ارتجال القصائد و الخطب البليغة.